للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صنيعُ مليكنا حسنٌ جميلٌ … وما أرزاقهُ (١) عنا تفوتُ

فيا هذا سترحلُ عن قريب (٢) … إلى قومٍ كلامُهُمُ السكوتُ

وهذا الفصل يطول استقصاؤه وقد ذكرنا منه ما فيه مقنع لمن أراده ولله الحمد والمنة.

وقال حماد بن سلمة: عن أيوب السختياني أنه قال: من أحبَّ أبا بكر فقد أقام الدين، ومن أحبَّ عمر فقد أوضح السبيل، ومن أحب عثمان فقد استنار بنور الله، ومن أحب عليًا فقد استمسك بالعروة الوثقى، ومن قال الحسنى في أصحاب رسول الله فقد برئ من النفاق.

غريبة من الغرائب وآبدة (٣) من الأوابد

قال ابن أبي خيثمة: حدَّثنا أحمد بن منصور بن يسار، حدَّثنا عبد الرزاق قال: قال معمر مرة وأنا مستقبله وتبسم وليس معنا أحد فقلت له: ما شأنك؟ قال: عجبت من أهل الكوفة، كأن الكوفة إنما بنيت على حُبِّ علي، ما كلَّمت أحدًا منهم إلا وجدت المُقْتَصِد منهم الذي يفضل عليًا على أبي بكر وعمر، منهم سفيان الثوري، قال: فقلت لمعمر ورأيته؟ - كأني أعظمت ذاك - فقال معمر: وما ذاك؟ لو أن رجلًا قال علي أفضل عندي منهما ما عبته (٤)، إذا ذكر فضلهما، ولو أن رجلًا قال: عمر عندي أفضل من علي وأبي بكر ما عنفته. قال عبد الرزاق: فذكرت ذلك لوكيع بن الجراح ونحن خاليان (٥) فاستهالها من سفيان وضحك وقال: لم يكن سفيان يبلغ بنا هذا الحد، ولكنه أفضى إلى معمر بما لم يفض إلينا، وكنت أقول لسفيان: يا أبا عبد الله أرأيت إن فضلنا عليًا على أبي بكر وعمر ما تقول في ذلك؟ فسكت (٦) ساعةً ثم قال: أخشى أن يكون ذلك طعنًا على أبي بكر وعمر ولكننا نقف. قال عبد الرزاق: وأما ابن التيمي - يعني معتمرًا - فقال: سمعت أبي يقول: فَضَلَ عليُّ بن أبي طالب [أصحاب رسول الله ] بمئة منقبة وشاركهم في مناقبهم، وعثمان أحبُّ إليَّ منه.

هكذا رواه ابن عساكر في "تاريخه" (٧) بسنده عن ابن أبي خيثمة به. وهذا الكلام فيه تخبيط كثير ولعله اشتبه على معمر فإن المشهور عن بعض الكوفيين تقديم عليّ على عثمان، فأمّا على الشيخين فلا، ولا يخفى فضل الشيخين على سائر الصحابة إلَّا على غبيّ، فكيف يخفى على هؤلاء الأئمة؟ بل قد قال


(١) في الديوان: أرزاقنا.
(٢) في ط: قليل؛ وما هنا عن أوهو يوافق ما في الديوان.
(٣) الآبدة: الباقية على الأبد. اللسان (أبد).
(٤) في أ: ما عنفته إذا ذكر فظلهما إذ قال عندي ..
(٥) في ط: خاليين؛ وهو مخالف للسياق النحوي.
(٦) في ط: فيسكت ثم يقول.
(٧) تاريخ دمشق - ترجمة علي - (٣/ ٣١٢).