للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب ما قيل في غزو الروم]

وقال البخاريُّ: حدَّثنا إسحاقُ بن يزيد الدِّمشقي، حدَّثنا يحيى بن حمزة، حدَّثني ثورُ بن يزيد، عن خالد بن مَعْدَان أن عمير بن الأسود العَنْسيَّ حدَّثه: أنه أتى عبادةَ بن الصَّامت وهو نازلٌ إلى ساحل (١) حمصَ، وهو في بناء له، ومعه أُمُّ حَرَام، قال عُمير: فحدَّثتنا أُمّ حَرَام أنَها سمعت رسولَ الله يقول: "أَوَّلُ جيشٍ مِن أُمَّتي يَغزونَ البحرَ قد أَوْجَبُوا" قالت أُمُّ حَرَام: فقلتُ: يا رسولَ الله! أنا فيهم؟ قال: "أنتِ فيهم" قالت: ثم قال النبيُّ : "أَوَّلُ جَيْشٍ مِن أُمَّتِي يغزونَ مدينةَ قيصرَ مغفورٌ لهم "قلتُ: أنا فيهم يا رسول الله؟ قال: "لا" (٢). تفرَّد به البخاريُّ دون أصحاب الكتب الستة.

وقد رواه البيهقيُّ في الدلائل: عن الحاكم، عن أبي عمرو بن أبي جعفر، عن الحسن بن سُفيان، عن هشام بن عمَّار الخطيب، عن يحيى بن حمزة القاضي به، وهو يُشبه معنى الحديث الأول (٣).

وفيه من دلائل النبوة ثلاث: إحداها الإخبار عن الغزوة الأولى في البحر، وقد كانت في سنة سبع وعشرين مع معاويةَ بن أبي سفيان حين غزا قبرصَ، وهو نائبُ الشام عن عثمان بن عفان، وكانت معهم أُمُّ حَرَام بنت مِلْحَان هذه، صُحْبَةَ زوجها عبادةَ بن الصَّامت، أحدِ النُقَبَاء ليلةَ العقبة، فتُوفِّيَتْ مرجعهم من الغزو قبلُ بالشَّام، كما تقدم في الرواية عند البخاري. وقال ابنُ زيد: تُوفِّيَتْ بقبرصَ سنة سبع وعشرين، الغزوة الثانية غزوة قسطنطينيةَ مع أوَّل جيش غزاها، وكان أميرها يزيدُ بن معاويةَ بن أبي سُفيان، وذلك في سنة ثنتين وخمسين، وكان معهم أبو أيوب، خالدُ بن زيد الأنصاريُّ، فماتَ هنالك وأرضاه، ولم تكن هذه المرأةُ معهم؛ لأنَّها كانت قد تُوفِّيت قبل ذلك في الغزوة الأولى.

فهذا الحديث فيه ثلاث آيات من دلائل النبوة: الإخبار عن الغزوتين، والإخبار عن المرأة بأنها من الأوَّليْنَ وليست من الآخِرين، وكذلك وقعَ كما أخبرَ صلواتُ الله وسلامُه عليه.

الإخبارُ عن غزوة الهند

قال الإمام أحمد (٤): حدَّثنا هُشيم، عن سيَّار، عن جبر بن عبيدة، عن أبي هريرة قال: وعدَنا


(١) كذا في الأصل، وفي البخاري: في ساحة.
(٢) رواه البخاري في صحيحه رقم (٢٩٢٤) في الجهاد.
(٣) رواه البيهقي في الدلائل (٦/ ٤٥٢).
(٤) في المسند (٢/ ٢٢٩) رقم (٧١٢٨) وإسناده ضعيف لجهالة جبر بن عبيدة، واستنكره الإمام الذهبي في الميزان (١/ ٣٨٨).