للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجعل إليك أن تبكي عنه. فاستضحك الناس، ونهض الوكيل خَجِلًا. رحمه اللَّه تعالى.

عيسى بن الوزير علي بن عيسى (١) بن داود بن الجَرَّاح: أبو القاسم البغدادي.

وكان أبوه من كبار الوزراء (٢)، وكتب هو للطَّائع أيضًا، وسمع الحديث الكثير، وكان صحيح السَّماع كثير العلوم، عارفًا بالمنطق وعلم الأوائل، فرموه بشيءٍ من مذهب الفلاسفة.

ومن جيد شِعْره قوله:

رُبَّ مَيْتٍ قد صارَ بالعِلْمِ حيًا … ومُبْقًّى قد ماتَ جَهْلًا وغيّا

فاقْتنوا العِلْمَ كي تنالوا خُلُودًا … لا تعدُّوا الحياةَ في الجَهْلِ شيّا

كان مولده في سنة ثنتين وثلاثمئة، وتوفي في هذه السنة عن تسع وثمانين سنة، ودفن في داره ببغداد.

[ثم دخلت سنة ثنتين وتسعين وثلاثمئة]

في المحرم منها غزا يمين الدولة محمود بن سُبُكْتِكين بلادَ الهند، فصمد له ملكها جيبال في جيشٍ عظيم، فاقتتلوا قتالًا شديدًا، ففتح اللَّه للمسلمين، وانهزمت الهنود، وأُسر ملكهم جيبال، وأخذ من عُنُقه قِلادة قيمتها ثمانون ألف دينار (٣)، وغنم المسلمون منهم أموالًا عظيمة، وفتحوا بلادًا كثيرة، ثم أطلق محمود ملكَ الهند احتقارًا له واستهانةً به، ليراه أهل ملكه في لباس المذلة، فحين وصل جيبال -لعنه اللَّه- إلى بلاده ألقى نفسه في النار التي يعبدونها من دون اللَّه فاحترق، لعنه اللَّه تعالى.

وفي ربيع الآخر (٤) منها ثارت العوام على النَّصارى ببغداد، فنهبوا كنيستهم التي بقطيعة الدَّقيق وأحرقوها، فسقطت على خَلْقٍ، فماتوا، وفيهم جماعة من المسلمين رجال ونساء وصبيان.

وفي رمضان قوي أمر العيَّارين وكثرت العملات والنَّهْب ببغداد، وانتشرت الفِتْنة.

قال ابن الجَوْزي: وفي ليلة الإثنين ثالث ذي القعدة انقضَّ كوكبٌ أضاء كضوء القمر ليلة التمام، ومضى الضّياء وبقي جُرْمه يتموَّج نحو ذراعين في ذراع برأي العين وتشقق بعد ساعة (٥).


(١) الإمتاع والمؤانسة (١/ ٣٦) الفهرست (١٨٦) تاريخ بغداد (١١/ ١٧٩ - ١٨٠) سير أعلام النبلاء (١٦/ ٥٤٩ - ٥٥١) العبر (٣/ ٥٠ - ٥١) ميزان الاعتدال (٣/ ٣١٩) لسان الميزان (٤/ ٤٠٢) شذرات الذهب (٣/ ١٣٧ - ١٣٨).
(٢) سلفت ترجمته في وفيات سنة (٣٣٥ هـ).
(٣) في الكامل لابن الأثير (٩/ ١٦٩): قومت بمئتي ألف دينار.
(٤) في (ب): وفي ربيع الأول أو الآخر.
(٥) المنتظم (٧/ ٢١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>