للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النبيّ ، فلما قدمت المدينة رآني صبيانٌ وهم يلعبون، وسمعوا أشياخهم يقولون: هذا عمرٌو. فاشتدّ الصِّبيان إلى النبيّ فأخبروه، وأتيته بالرجل قد ربطت إبهاميه بوَتر قوسي، فلقد رأيت النبيّ وهو يضحك، ثم دعا لي بخيرٍ. وكان قدوم سلمة قبل قدوم عمرو بثلاثة أيامٍ. رواه البيهقيّ (١).

وقد تقدّم أن عَمْرًا لما أهبط خبيبًا لم ير له رِمّةً ولا جسدًا، فلعله دفن مكان سقوطه. واللَّه أعلم، وهذه السّريّة إنما استدركها ابن هشامٍ على ابن إسحاق، وساقها بنحوٍ من سياق الواقديّ لها، لكن عنده أن رفيق عمرو بن أمية في هذه السّرية جبّار بن صخرٍ، فاللَّه أعلم، وللَّه الحمد.

سرية بئر مَعُونَة

وقد كانت في صفرٍ منها، وأكرب مكحولُ (٢)، ، حيث قال (٣): إنها كانت بعد الخندق (٤).

قال البخاريّ (٥): ثنا أبو معمرٍ، ثنا عبد الوارث (٦) حدثنا عبد العزيز، عن أنس بن مالك قال: بعث النبيُّ (٧) سبعين رجلًا لحاجةٍ يقال لهم: القرّاء. فعرض لهم حيان من بني سليمٍ -رِعلٌ وذكوان- عند بئرٍ يقال لها: بئر معونة. فقال القوم: واللَّه ما إيّاكم أردنا، وإنما نحن مجتازون في حاجة للنبيّ . فقتلوهم، فدعا النبيّ عليهم شهرًا في صلاة الغداة، وذاك بدء القنوت، وما كنا نقنت.

ورواه مسلمٌ (٨)، من حديث حمّاد بن سلمة، عن ثابتٍ، عن أنسٍ، بنحوه.

ثم قال البخاري (٩): ثنا عبد الأعلى بن حمّادٍ، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن أنس بن مالكٍ أن رِعلًا وذكوان وعصيّة وبني لحيان استمدّوا رسول اللَّه على عدوٍّ، فأمدَّهم بسبعين من الأنصار، كنا نسمّيهم القرّاء في زمانهم، كانوا يحتطبون بالنهار، ويصلّون بالليل، حتى إذا كانوا ببئر معونة قتلوهم وغدروا بهم، فبلغ النبيّ ، فقنت شهرًا يدعو في الصّبح على أحياءٍ من أحياء العرب؛


(١) في "دلائل النبوة" (٣/ ٣٣٣).
(٢) هو مكحول الشامي أبو عبد اللَّه، فقيه ثقة كثير الإرسال، من كبار رواة الحديث، مات سنة بضع عشرة ومئة. انظر "تحرير تقريب التهذيب" (٣/ ٤١٥) و"شذرات الذهب" (٢/ ٦٦).
(٣) انظر "المعرفة والتاريخ" للفسوي (٣/ ٣٠٠).
(٤) قلت: رتّبها قبل الخندق أيضًا، ابن قيم الجوزية في "زاد المعاد" (٣/ ٢٢١) حيث قال: وممن قال: "وفي هذا الشهر بعينه، وهو صفر من السنة الرابعة، كانت وقعة بئر معونة. . . ".
(٥) رواه البخاري رقم (٤٠٨٨).
(٦) في (أ): "عبد الرازق" وهو خطا، وأثبت لفظ (ط) وهو الصواب.
(٧) في (ط): "بعث رسول اللَّه".
(٨) في "صحيحه" رقم (٦٧٧) (١٤٧).
(٩) رواه البخاري رقم (٤٠٩٠).