للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد (١): حدَّثنا أسباط بن محمد، حدَّثنا الأعمش، عن عبد الله بن عبد الله، عن سعد مولى طلحة، عن ابن عمر، قال: سمعتُ من رسول الله حديثًا لو لم أسمعْه إلا مرَّةً أو مرتين، حتى عدَّ سبع مرار، ولكن قد سمعتهُ أكثرَ من ذلك قال: "كان الكفل من بني إسرائيل لا يتورَّع من ذنب عملَه، فأتته امرأةٌ فأعطاها ستينَ دينارًا على أن يطأها، فلما قعد منها مقعدَ الرجل من امرأته أرعدتْ وبكت، فقال لها: ما يُبكيك أكرهتُك؟ قالت: لا، ولكن هذا عملٌ لم أعملْه قطُّ، وإنما حملتني عليه الحاجةُ. قال: فتفعلينَ هذا ولم تفعليه قطّ. ثم نزل، فقال: اذهبي بالدنانير لكِ. ثم قال: والله لا يَعصي الله الكِفْلُ أبدًا، فمات من ليلته فأصبح مكتوبًا على بابه: قد غفر الله للكفل" (٢).

ورواه الترمذي (٣) من حديث الأعمش به وقال حسن، وذَكَرَ أن بعضَهم رواه فوقفه على ابن عمر، فهو حديثٌ غريب جدًا. وفي إسناده نظر، فإن سعدًا هذا قال أبو حاتم: لا أعرفه إلا بحديث واحد، ووثَّقه ابنُ حبَّان، ولم يروه عنه سوى عبد الله بن عبد الله الرازي هذا، واللّه أعلم.

[وإن كان محفوظًا فليس هو ذا الكفل، وإنما لفظ الحديث: الكفل، من غير إضافة، فهو رجلٌ آخر غير المذكور في القرآن، فالله أعلم] (٤).

* * *

باب ذكر أممٍ أُهلكوا بعامّة

وذلك قبل نزول التوارة بدليل قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى﴾ [القصص: ٤٣] الآية. كما رواه ابن جرير (٥) وابن أبي حاتم (٦) والبزار (٧): من حديث عوف الأَعْرابي، عن أبي نَضْرة، عن أبي سعيد الخدري، قال: ما أهلكَ الله قومًا بَعذابٍ من السَّماء أو من


(١) أخرجه ابن جرير في التفسير (٩/ ٧٢).
(٢) أخرجه أحمد في المسند (٢/ ٢٣) رقم (٤٧٤٧).
(٣) أخرجه الترمذي (٢٤٩٨) في صفة القيامة.
(٤) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع وأثبته من أ وب.
(٥) أخرجه ابن جرير في تفسيره (١٠/ ٧٦).
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم، كما في الدر المنثور (٦/ ٤١٧).
(٧) أخرجه البزار (٢٢٤٧ و ٢٢٤٨) وقال الهيثمي في المجمع (٧/ ٨٨) رواه البزار موقوفًا ومرفوعًا، ورجالهما رجال الصحيح.