للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سلمانُ بن ربيعة، فقاتل بها، ونادى المنادي من الجو: صبرًا آل سلمان بن ربيعة، فقاتل قتالًا شديدًا ثم تحيّز سلمان وأبو هريرة بالمسلمين، وفروا من كثرة الترك ورميهم الشديد السديد على جِيلان فقطعوها إلى جُرْجان، واجترأت الترك بعدها، ومع هذا أخذت التركُ عبد الرحمن بن ربيعة فدفنوه شي بلادهم، فهم يستسقون بقبره إلى اليوم. سيأتي تفصيل ذلك كله.

قصة السدّ

ذكر ابن جرير (١) بسنده أنَّ شهربراز قال لعبد الرحمن بن ربيعة لمّا قدا عليه حين وصل إلى الباب، وأراه رجلًا، فقال شهربراز: أيّها الأميرُ إنّ هذا الرجلُ كنتُ بعثته نحو السدّ، وزودته مالًا جزيلًا وكتبتُ له إلى الملوك الذين يلوني (٢)، وبعثتُ لهم هدايا، وسألت منهم أن يكتبوا له إلى منْ يليهم من الملوك حتى ينتهي إلى سدِّ ذى القرنين، فينظر إليه ويأتينا بخبره. فسار حتى انتهى إلى الملك الذي السَّد في أرضه، فبعثه إلى عامله مما يلي السدّ، فبعث معه بازياه (٣) ومعه عقابه، فلما انتهَوا إلى السدّ إذا جبلان بينهما سدٌّ مسدودٌ، حتى ارتفع على الجبلين، وإذا دون السدّ خندقٌ أشدُّ سوادًا من الليل لبعده، فنظر إلى ذلك كله وتفرَّس فيه، ثم لمّا همّ بالانصراف قال له البازيارُ على رِسْلكَ، ثم شرح بضعة لحم معه فألقاها شي ذلك الهواء (٤)، وانقضَّ عليها العقاب. فقال: إن أدركتها قبل أن تقع فلا شيء (٥)، وإن لم تدركها حتى تتمع فذلك شيء. قال: فلم تدركها حتى وقعت في أسفله وأتبعها العقاب فأخرجها فإذا فيها ياقوتة (وهي هذه). ثم ناولها الملك شهربراز لعبد الرحمن بن ربيعة، فنظر إليها عبد الرحمن ثم ردَّها إليه، فلمّا ردّها إليه فرح وقال: واللهِ لهذه خيرٌ من مملكة هذه المدينة -يعني مدينة باب الأبواب التي هو فيها -ووالله لأنتم أحبُّ إليَّ اليومَ من مملكة آل كسرى، ولو كنت في سلطانهم وبلغهم (٦) خبرها لانتزعوها (مني)، وايم الله لا يقوم لكم شيءٌ ما وفيتم ووفى ملككم الأكبر، ثم أقبل عبد الرحمن بن ربيعة على الرسول الذي ذهب على السدّ فقال: ما حالُ هذا الردم؟ -يعني ما صفته- فأشار إلى ثوب في زرقةٍ وحمرةٍ فقال: مثل هذا. فقال رجل لعبد الرحمن: صدق والله لقد نفذ ورأى. (فقال: أجل) وصف صافة الحديد والصُّفْر: قال الله تعالى: ﴿آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا﴾ [الكهف: ٩٦].


(١) في تاريخه (٤/ ١٥٩).
(٢) في ط: الملوك يولوني. وما هنا عن أ وهو قريب مما عند الطبري.
(٣) البَيْزار الذي يحمل البازي، ويقال له البازيار، وكلاهما ديخل والبيازرة جمعه. اللسان (بزر).
(٤) في أ: الوادي.
(٥) في أ: إن أدركها في الهوي فلا شيء وإن لم تدركها تقع فذاك قال.
(٦) في أ: ثم بلغهم.