للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الإمام (١) أحمد: ثنا هُشَيْم، ثنا يزيد بن أبي زياد، عن عِكْرمة، عن ابن عباس: أنَّ رسولَ اللَّه طافَ بالبيت، وهو على بعيرٍ، واستلم الحجرَ بمِحْجَنٍ كان معه. قال: وأتى السِّقاية فقال: أسقوني. فقالوا: إن هذا يخوضُه الناسُ ولكنا نَأْتيكَ به من البيتِ. فقال: لا حاجةَ لي فيه، اسقُوني مِمّا يَشْربُ الناسُ.

وقد روى أبو داود (٢)، عن مُسَدّدٍ، عن خالد الطَّحّان، عن يزيد بن أبي زياد، عن عِكْرمةَ، عن ابن عباس. قال: قَدِمَ رسولُ اللَّه مكةَ، ونحنُ نَسْتَقي (٣)، فطاف على راحلته. . . الحديثَ.

وقال الإمام أحمد (٤): حدثنا رَوْحٌ وعَفَّانُ، قالا: ثنا حماد، عن قيس، وقال عفان في حديثه أنبأنا قيس، عن مجاهد، عن ابن عباس، أنه قال: جاء النبي إلى زمزم، فَنَزَعْنَا له دلوًا فشرب، ثم مَجَّ فيها، ثم أفْرَغناها في زمزم. ثم قال: لولا أن تُغْلَبوا عليها لنَزَعْتُ بيدي. انفرد به أحمد، وإسناده على شرط مسلم.

[فصل]

ثم إنه لم يُعِدِ الطَّوافَ بين الصفا والمَرْوة مرة ثانية، بل اكتفى بطَوافِهِ الأول. كما روى مسلم في "صحيحه" (٥)، من طريق ابن جُرَيْجٍ، أخبرني أبو الزُّبير، سمعت جابر بن عبد اللَّه يقول: لم يَطُفِ النَّبيّ وأصحابُه بين الصَّفا والمروة إلَّا طوافًا واحدًا.

قلت: والمراد بأصحابه هاهنا الذين سادوا الهَدْيَ وكانوا قارنين. كما ثبت في "صحيح مسلم" (٦) أنَّ رسولَ اللَّه قال لعائشة -وكانت أدْخَلَتِ الحجَّ على العمرة، فصارت قارنةً-: يَكْفيكِ طوافُكِ بالبيتِ وبينَ الصَّفا والمَرْوة لحَجّكِ وعُمْرتك. وعند أصحاب الإمام أحمد أنَّ قولَ جابرٍ وأصحابِهِ عامٌّ في القارنين والمُتَمتِّعين. ولهذا نصَّ الإمام أحمد على أنَّ المُتَمَتّع يكفيه طوافٌ واحدٌ عن حَجَّه وعُمْرتِه، وإن تحلّل بينهما تحلّل. وهو قولٌ غريبٌ، مأخذه ظاهرُ عمومِ الحديثِ. واللَّه أعلم.

وقال أصحاب أبي حنيفة في المُتَمتِّع، كما قال المالكيَّة والشافعيَّة: إنَّه يجبُ عليه طوافان وسعيان،


(١) مسند الإمام أحمد (١/ ٢١٤ - ٢١٥) (١٨٤١)، وإسناده ضعيف، ولكن له طريق أخرى عند البخاري رقم (١٦٠٧) فهو حديث حسن.
(٢) أبو داود (١٨٨١)، وإسناده ضعيف.
(٣) في السنن: وهو يشتكي.
(٤) مسند الإمام أحمد (١/ ٣٧٢) (٣٥٢٧).
(٥) مسلم (١٢٧٩).
(٦) مسلم (١٢١١).