للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد تقدَّم في قصَّة (١) نوحٍ من رواية الطبراني، وفيه: نوح وهود وإبراهيم.

مرور النبيِّ بوادي الحِجْر من أرض ثمودَ عام تبوك

قال الإمام أحمد: حَدَّثَنَا عبدُ الصمد، حَدَّثَنَا صَخْرُ بن جويرية، عن نافع، عن ابن عمر، قال لما نزل رسولُ الله بالناس على تبوكَ، نزل بهم الحِجْرَ عند بيوت ثمود، فاستقى النَّاسُ من الآبار التي كانت تشربُ منها ثمود، فعجنُوا منها، ونصبُوا القُدور [باللحم]، فأمرَهم رسولُ اللّه فأهراقوا القدورَ، وعلفُوا العجينَ الإبلَ، ثم ارتحلَ بهم حتَّى نزل بهم على البئر التي كانت تشربُ منها النَّاقةُ، ونهاهُم أن يدخلوا على القوم الذين عُذِّبوا فقال: "إني أخشى أن يُصيبَكم مثلُ ما أصابهم، فلا تدخلوا عليهم" (٢).

وقال أحمد أيضًا: حَدَّثَنَا عفَّان، حَدَّثَنَا عبدُ العزيز بن مسلم، حَدَّثَنَا عبدُ اللّه بن دينار، عن عبد اللّه بن عمر، قال: قال رسولُ اللّه وهو بالحِجْر: "لا تدخلوا على هؤلاء المُعذبين إلا أنْ تكونوا باكينَ، فإن لم تكونوا باكينَ فلا تدخلوا عليهم، أن يُصيبكُم مثل ما أصابهم" (٣).

أخرجاه في الصحيحين (٤) من غير وجه.

وفي بعض الروايات: أنه لما مرَّ بمنازلهم قنَّع رأسه وأسرع راحلته، ونهى عن دخولِ منازلهم إلا أن يكونوا باكين. وفي رواية: "فإنْ لم تبكوا فتباكوا، خشيةَ أن يُصيبَكم مثلُ ما أصابَهم". صلوات اللّه وسلامه عليه.

وقال الإمام أحمد: حَدَّثَنَا يزيد بن هارون، أخبرنا المَسعودي، عن إسماعيل بن أوسط، عن محمد بن أبي كبشة الأنماري، عن أبيه - واسمه عمرو بن سعد، ويُقال: عامر بن سعد قال: لما كان في غزوة تبوك تسارعَ النَّاسُ إلى أهل الحجْر يدخلون عليهم، فبلغَ ذلك رسولَ الله ، فنادى في النَّاس: الصَّلاةُ جامعة. قال: فأتيتُ النبيَّ ، وهو يمسك بعيرَه، وهو يقول: "ما تدخلون على قومٍ غضبَ اللّه عليهم، فناداه رجلٌ نعجبُ يا رسول الله! قال: أفلا أُنبئكم بأعجب من ذلك؟ رجلٌ من أنفسكم يُنبئكم بما كان قبلكم، وما هو كائنٌ بعدَكم، فاستقيمُوا وسدَّدوا، فإنَّ اللّهَ لا يعبأُ بعذابِكم شيئًا، وسيأتي قومٌ لا يدفعونَ عن أنفسهم شيئًا" (٥). إسنادٌ حسنٌ ولم يُخرِّجوه.


(١) تقدم ص ١٨٠.
(٢) أخرجه أحمد في المسند (٢/ ١١٧) وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
(٣) أخرجه أحمد في المسند (٢/ ٧٤) وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
(٤) أخرجه البخاري (٤٧٠٢) في التفسير، ومسلم (٢٩٨٠) في الزهد والرقائق.
(٥) أخرجه أحمد في المسند (٤/ ٢٣١). قلت: فيه محمد بن أبي كبشة الأنماري، وهو مجهول.