للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهكذا رواه الترمذيُّ والنَّسائيُّ (١) جميعًا، عن قتيبة، عن حَمَّاد بن زيد، به، ثم قال الترمذيُّ: حسن، ولا نعلم أحدًا أسنده غير حَمَّاد عن مطر. ورواه مالك، عن ربيعة، عن سليمان مرسلًا. ورواه سليمان بن بلال، عن ربيعةَ مرسلًا.

قلت: وكانت وفاتها بسرف سنة ثلاث وستين، [ويقال: سنة ستين]، .

* * *

ذكر خروجه من مَكَّة بعد قضاء عُمْرَتِهِ

قد تقدَّم ما ذكره موسى بن عقبة؛ أنَّ قريشًا بعثوا إليه حُويطب بن عبد العُزَّى بعد مضيِّ أربعة أيام ليرحل عنهم، كما وقع به الشّرط، فعرض عليهم أن يعمل وليمة عُرْسه بمَيْمُونةَ عندهم، وإنَّما أراد تأليفهم بذلك، فأبوا عليه وقالوا: بل اخرُج عنا، فخرج وكذلك ذكره ابن إسحاق (٢).

وقال البخاريُّ (٣): ثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء قال: اعتمر النبيُّ في ذي القعدة، فأبى أهل مكة [أن يدعوه يدخل مَكَّة] حتى قاضاهم على أن يقيموا بها ثلاثة أيام، فلمَّا كتبوا الكتاب، كتبوا: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله. قالوا: لا نقرُّ بهذا، لو نعلم أنَّك رسول الله ما منعناك شيئًا، ولكن أنت محمد بن عبد الله.

قال: "أنا رسول الله، وأنا محمد بن عبد الله". ثم قال لعلى بن أبي طالب: "امْحُ رسول الله". قال: لا والله لا أمحوك أبدًا. فأخذ رسول الله الكتاب، وليس يُحسن يكتب، فكتب (٤): هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله؛ لا يُدخل مَكَّةَ إلَّا السيفَ في القِراب، وأن لا يخرج من أهلها بأحد أراد أن يتبعه، وأن لا يمنع من أصحابه أحدًا أراد أن يقيم بها. فلمَّا دخلها ومضى الأجل، أتَوا عليًّا فقالوا: قل لصاحبك: اخرج عنا، فقد مضى الأجل. فخرج النبيُّ فتبعته ابنة حمزة تنادي: يا عمّ، ياعمّ. فتناولها عليٌّ فأخذ بيدها، وقال لفاطمة: دونكِ ابنةَ عمِّكِ. فحملتها، فاختصم فيها عليٌّ وزيد


(١) رواه الترمذي رقم (٨٤١) والنسائي في "السنن الكبرى" رقم (٥٤٠٢)، وهو ضعيف بطوله، وصح عنه "تزوج ميمونة وهو حلال".
(٢) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٣٧٢).
(٣) رواه البخاري رقم (٤٢٥١).
(٤) أي: أمر بالكتابة ، وإلا فَأُمِّيَّتُه مسلَّم بها، نصّ عليها القرآن الكريم، وهي من الإعجاز العظيم الذي كان في شخصيته ودعوته كما هو معلوم لدى أهل العلم من المسلمين سلفًا وخلفًا. وانظر لتمام الفائدة الفصل الخاص بِأُمِّيَّتِهِ من مقدمتي لكتاب "إعلام السائلين عن كتب سيد المرسلين" لابن طولون الدمشقي.