للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فصل]

فالذي يقطعُ به كتابُ الله وسنّة رسولهِ، ومن حيث المعنى: أن رسولَ الله قد بشَّرت به الأنبياء قبلَه، وأتباعُ الأنبياء يعلمون ذلك، ولكنَّ أكثرَهم يكتمون ذلك ويُخفونه.

قال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٥٧) قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ [الأعراف: ١٥٧ - ١٥٨].

وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ﴾ [الأنعام: ١١٤] وقال تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ١٤٦] وقال تعالى: ﴿وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ﴾ [آل عمران: ٢٠]، وقال تعالى: ﴿هَذَا بَلَاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ﴾ [إبراهيم: ٥٢] وقال تعالى: ﴿لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بَلغَ﴾ [الأنعام: ١٩] وقال تعالى ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ﴾ [هود: ١٧] وقال تعالى: ﴿لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ [يس: ٧٠].

فذكر تعالى بعثته إلى الأمّيينَ وأهلِ الكتاب وسائرِ الخلق من عربهم وعجمهم، فكل من بلغَه القرآنُ فهو نذير له، قال : "والذي نفسي بيده لا يسمعُ بي أحدٌ من هذه الأمة يهوديّ ولا نصرانيّ ولا يُؤمن بي إلا دخلَ النار ". رواه مسلم (١).

وفي الصحيحين: " أعطيت خمسًا لم يُعطَهن أحد من الأنبياء قبلي: نُصِرتُ بالرُّعب مسيرةَ شهرٍ، وأُحِلَّت لي الغنائمُ ولم تحلَّ لأحدٍ قبلي، وجُعلت لي الأرضُ مَسجدًا وطَهورًا، وأُعطيت الشفاعةَ، وكان النبيُّ يُبعثُ إلى قومه وبُعثت إلى الناس عامّة " (٢).


= قراءتها. الفتح (١٢/ ٣٩٣).
(١) رواه مسلم في صحيحه رقم (١٥٣) في الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد إلى جميع الناس ونسخ الملل بملته، وأحمد في المسند (٢/ ٣٥٠) من حديث أبي هريرة ، بلفظ: " والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة، يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أُرسلت به، إلا كان من أصحاب النار ".
(٢) رواه البخاري في صحيحه رقم (٣٣٥) في التيمم في أوله، ورقم (٤٣٨) في الصلاة، باب قول النبي : جعلت =