للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جوهر بن عبد اللَّه (١): القائد باني القاهرة المعزية، وأصله رومي (٢) ويعرف بالكاتب، أرسله مولاه المعز (٣) بن المنصور بن القائم بن المهدي المدَّعي أنه فاطمي من إفريقية لأخذ مصر عند اضطراب جيشها بعد موت كافور الإخشيدي، فأقاموا عليهم أحمد بن علي الإخشيدي، فلم يجتمعوا عليه، فأرسل بعضهم إلى المعز يستنجد به، فأرسل مولاه جوهر هذا في ربيع الأول من سنة ثمانٍ وخمسين وثلاثمئة فوصل إلى القاهرة في شعبان منها في مئة ألف مقاتل، ومعه من الأموال ألف ومئتا صندوق لينفقه في ذلك، فانزعج الناس، وأرسلوا يطلبون منه الأمان، فآمنهم فلم يرض الجيش بذلك، وبرزوا لقتاله فكسرهم، وجدَّد الأمان لأهلها، ودخلها يوم الثلاثاء لثمان عشرة خَلَت من شعبان، فشق مصر، ونَزل في مكان القاهرة اليوم، وأسس من ليلته القصرين، وخطب يوم الجمعة الآتية، فقطع خطبة بني العباس، وعوَّض بمولاه، وذكر الأئمة الإثني عشر، وأذن بحي على خير العمل، وكان يُظْهر الإحسان إلى الناس، ويجلس كل [يوم] (٤) سبت مع الوزير جعفر بن الفرات والقاضي، واجتهد في تكميل القاهرة، وفرغ من جامعها سريعًا، وخطب به في سنة إحدى وستين، وهو جامع الأزهر.

وأرسل جعفر بن فلاح إلى الشَّام فأخذها للمعز، ثم قدم مولاه المعز في سنة ثنتين وستين كما تقدَّم (٥)، ونزل بالقصرين. ولم تزل منزلته عالية عنده، ثم كانت وفاته في هذه السنة، وقام في منصبه وعظمته ابنه الحسين الذي كان يقال له قائد القواد، وهو أكبر أمراء الحاكم بن العزيز بن المعز، ثم كان قتله على يديه في سنة إحدى وأربعمئة، وقتل معه صهره زوج أخته القاضي عبد العزيز بن النعمان، وأظن هذا القاضي هو مصنف البلاغ الأكبر والناموس الأعظم، الذي فيه من الكفر ما لم يصل إبليس إلى مثله، وقد ردَّ على هذا الكتاب أبو بكر الباقلَّاني، .

[ثم دخلت سنة ثنتين وثمانين وثلاثمئة]

في عاشر المحرم منها رسم الوزير أبو الحسن علي بن محمد بن الكوكبي -ويعرف بابن المعلم، وكان قد استحوذ على أمور السلطان- لأهل الكرخ وباب الطاق من الرَّافضة بأن لا يفعلوا شيئًا من تلك البدع التي كانوا يتعاطونها في عاشوراء؛ من تعليق المسوح وتغليق الأسواق، والنِّياحة على الحسين،


(١) معجم البلدان (٤/ ٣٠١) وفيات الأعيان (١/ ٣٧٥ - ٣٨٠) العبر (٣/ ١٦) سير أعلام النبلاء (١٦/ ٤٦٧ - ٤٦٨) النجوم الزاهرة (٤/ ٢٨) حسن المحاضرة (١/ ٥٩٩ و ٢/ ٢٠١) شذرات الذهب (٣/ ٩٨ - ١٠٠).
(٢) في (ط) أرمني، وهو تحريف.
(٣) في (ط) العزيز، وهو تحريف.
(٤) ما بين حاصرتين من (ب) و (ط).
(٥) انظر حوادث سنة (٣٦١ هـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>