للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: وحدّث أبو سعيد، فذكره، وهذا السياق أشبهُ، والله أعلم، وهو إسنادٌ على شرطِ أهلِ السُّنَنِ، ولم يخرجوه.

[فصل]

وقد تقدَّم ذكر وفود الجن بمكة قبل الهجرة، وقد تَقَصَّينا الكلام في ذلك أيضًا (١) عند قوله تعالى في سورة [الأحقاف: ٢٩] ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ﴾ (٢) فذكرنا ما وردَ من الأحاديثِ في ذلك والآثار، وأوردنا حديثَ سَوادِ بن قارِبٍ الذي كان كاهنًا فأسلم وما رواه عن رَئيِّه الذي كان يأتيه بالخبر حين أسلم الرَّئِي (٣) حين قال له: [من السريع]

عَجِبْتُ لِلْجنِّ وَأنْجَاسِهَا … وَشَدِّهَا العِيسَ بِأَحْلاسِهَا (٤)

تَهْوي إلى مَكَّةَ تَبْغي الهُدَى … ما مُؤْمنُ الجِنِّ كَأَرْجاسِهَا

فَانهَضْ إلى الصَّفْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ … وَاسْمُ بِعَيْنَيْكَ إلى رَاسِهَا

ثم قوله:

عَجِبْتُ لِلْجنّ وَتَطْلابِهَا … وَشَدِّهَا العِيسَ بأقتَابِهَا (٥)

تَهْوي إلى مَكَّة تَبْغي الهُدَى … لَيْسَ قُداماها (٦) كأْذنَابِهَا

فانهضْ إلى الصَّفْوةِ مِنْ هَاشِمٍ … وَاسْم بِعَيْنَيْكَ إلى نابِها (٧)

ثم قوله:

عَجِبْتُ لِلْجنِّ وَتخْبَارِهَا … وَشَدِّهَا العِيسَ بأكْوَارِهَا (٨)

تَهْوي إلى مَكَّةَ تَبْغي الهُدى … لَيْسَ ذَوُو الشرِّ كَأخْيَارِهَا

فانهضْ إلى الصَّفْوَةِ منْ هَاشِمٍ … ما مُؤْمنُو الجِّنِ كَكُفَّارهَا


(١) ليس اللفظ في ط.
(٢) تفسير ابن كثير (٤/ ١٦٨).
(٣) الرِّئيّ كغنيّ ويكسر: جني يُرى (القاموس: رأى) والأبيات الثلاثة الأولى في الإصابة (٢/ ٩٦).
(٤) أحلاس: مفردها حِلس بالكسر: كساء على ظهر البعير تحت البرذعة، ويبسط في البيت تحت حُرِّ الثياب ويُحرَّك (القاموس: حلس).
(٥) أقتاب: مفردها قِتْب وفي الصحاح: رحل صغير على قدر السنام (اللسان: قتب).
(٦) ط: (قدّامها).
(٧) ط: (بابها).
(٨) أكوار: مفردها الكُور بالضم: الرحل وقيل الرحل بأداته وهو كالسرج وآلته للفرس (اللسان: كور).