للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قيس النَّخَعي، وجندب بن زهير العامري، وجندب بن كعب الأزدي، وعُروة بن الجَعْد وعمرو بن الحَمِق الخُزاعي. فلما خرجوا من دمشق أووا إلى الجزيرة فاجتمع بهم عبد الرحمن بن خالد بن الوليد -وكان نائبًا على الجزيرة. ثمَّ ولي حمص بعد ذلك- فهددهم وتوعدهم. فاعتذروا إليه وأنابوا إلى الإقلاع عمّا كانوا عليه، فدعا لهم وسيَّر مالكاً الأشتر النَّخعي إلى عثمان بن عفان ليعتذر إليه عن أصحابه بين يديه، فقبل ذلك منهم وكف عنهم وخيّرهم أن يقيموا حيث أحبّوا، فاختاروا أن يكونوا في معاملة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، فقدموا عليه حمص، فأمرهم بالمقام بالسّاحل، وأجرى عليهم الرزق. ويقال بل لما مقتهم معاوية كتب فيهم إلى عثمان فجاءه كتاب عثمان أن يردهم إلى سعيد بن العاص بالكوفة، فردّهم إليه، فلما رجعوا كانوا أَذْلَق (١) ألسنة، وأكثرَ شرًّا، فضج منهم سعيد بن العاص إلى عثمان، فأمره أن يسيّرهم إلى عبد الرحمن بن خالد بن الوليد بحمص، وأن يلزموا الدروب (٢).

وفي هذه السنة سَيَّر عثمان بعض أهل البصرة منها إلى الشام، وإلى مصر بأسباب مسِّوغة لما فعله ، فكان هؤلاء ممن يؤلِّب عليه ويمالئ الأعداء في الحط والكلام فيه، وهم الظالمون في ذلك، وهو البارّ الراشد .

وفي هذه السنة حج بالناس أمير المؤمنين عثمان بن عفان وتَقَبَّل الله منه.

[ثم دخلت سنة أربع وثلاثين]

قال أبو معشر: فيها كانت وقعة الصواري، والصحيح في قول غيره أنها كانت قبل ذلك (٣) كما تقدم. وفي هذه السنة تكاتب المنحرفون عن (طاعة) عثمان وكان جمهورهم من أهل الكوفة - وهم في معاملة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد بحمص منفيون عن الكوفة، وثاروا على سعيد بن العاص أمير الكوفة، وتألَّبوا عليه، ونالوا منه ومن عثمان، وبعثوا إلى عثمان منْ يناظره فيما فعل وفيما اعتمد من عزل كثيرٍ من الصحابة وتولية جماعة من بني أمية من أقربائه، وأغلظوا له في القول، وطلبوا منه أن يعزل عمّاله ويستبدل أئمة غيرهم (من السابقين ومن الصحابة)، حتى شقَّ ذلك عليه جدًا، وبعث إلى أمراء الأجناد فأحضرهم عنده ليستشيرهم، فاجتمع إليه معاوية بن أبي سفيان أمير الشام، وعمرو بن العاص (أمير مصر)، وعبد الله بن سعد بن أبي سَرْح أمير المغرب، وسعيد بن العاص أمير الكوفة، وعبد الله ابن عامر أمير البصرة، فاستشارهم فيما حدث من الأمر (وافتراق الكلمة)؛ فأشار عبد الله بن عامر


(١) أذلق: أفصح وأبلغ. النهاية (٢/ ١٦٥).
(٢) في أ: بالدروب.
(٣) في أ: أنها قبل كما تقدم.