للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوجد مروانَ قد هرَب، فدخل مصرَ وجاءَهُ كتابُ السَّفَّاح ابعثْ صالحَ بنَ عليٍّ في طلَبِ مَرْوان، وأقِمْ أنتَ في الشام نائبًا عليها، فسار صالحُ بن عليٍّ يطلبُ مروانَ في ذي القَعْدةِ من هذه السنة ومعه أبو عَوْن وعامر بن إسماعيل، فَنزلَ على ساحلِ البحر، وجَمع ما هناك من السُّفُن، وبلغَهُ أن مروانَ قد نَزلَ الفَرَما (١) وقيل الفَيُّوم، فجعلَ يسيرُ على الساحل والسُّفُنُ تُقادُ معه في البحر حتَّى أتى العَريش، ثم سار حتَّى نزلَ على النِّيل، ثم سار إلى الصَّعِيد، فعبرَ مروانُ النِّيل، وقطعَ الجِسرَ، وحرق ما حَوْلَهُ من العَلَفِ والطعام، ومَضَى صالحٌ في طَلَبه فالتقَى بخيل لِمروان، فهزَمَهم، ثم جعل كلَّما التَقَوْا مع خيل لِمروانَ يَهْزمُونَهم حتَّى سألوا بعضَ منْ أسرُوا عن مروان، فدلُّوهم عليه، وإذا به في كَنِيسَةِ بُوصير (٢) فوافَوْهُ من آخرِ الليل، فانهزم منْ معهُ من الجُند، وخرج إليهم مروانُ في نَفَر يَسيرٍ معَه، فأحاطوا به حتَّى قتلوهُ، طَعَنهُ رجلٌ من أهلِ البصرةِ يُقالُ له مُعَوِّذ ولا يَعرِفُه، حتَّى قال رجلٌ: صُرع أمير المؤمنين. فابتدرَهُ رجلٌ من أهلِ الكوفة كان يَبيع الرمان، فاحتزَّ رأسَه، فبعث به عامر بن إسماعيل أمير هذه السريَّة إلى أبي عَوْن، فبعث به أبو عون إلى صالح بن علي، فبعث به صالح مع رجل يقال له خُزيمة بن يزيد بن هانئ، كان على شرطته لأميرِ المؤمنين السفَّاح.

وكان مقتلُ مروانَ يومَ الأحد لثلاثٍ بَقينَ من ذي الحجَّة، وقيل يوم الخميس لستٍّ مَضَيْنَ منها سنةَ ثِنتَيْنِ وثلاثين ومئة، وكانت خلافتُه خمسَ سِنين وعشرةَ أشهر وعشبرةَ أيام على المشهور. واختلفوا في سنه، فقيل أربعون سنة، وقيل ست، وقيل ثمان وخمسون سنة، وقيل ستون، وقيل اثنتان، وقيل ثلاثٌ، وقيل تسعٌ وستون سنة، وقيل ثمانون، والله أعلم.

ثم إنَّ صالح بنَ عليٍّ سارَ إلى الشام، واستخلفَ على مصر أبا عَوْن بنَ أبي يزيد، والله سبحانه أعلم.

وهذا شيءٌ من ترجمةِ مروانَ الحمار، وهو:

[مروان بن محمد]

ابن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية القرشي الأموي (٣) أبو عبد الملك، أميرُ المؤمنين، آخرُ


(١) الفَرَما: مدينةٌ على الساحل من ناحية مصر. وقال الحسن بن محمد المهلبي: الفَرَما حصن على ضفة البحر لطيف. انظر معجم البلدان (٤/ ٢٥٥).
(٢) بوصِير - بكسر الصاد وياء ساكنة وراء -: اسمٌ لأربعَ قُرًى بمصر، بوصير قوريدس، وقال الحسن بن إبراهيم بن زولاق: بها قُتل مروان بن محمد بن مروان بن الحَكم الذي به انقرض ملكُ بني أمية وهو المعروف بالحمار والجعدي، قُتل بها لسبعٍ بَقينَ من ذي الحجة سنة (١٣٢). وقال أبو عمر الكِنْدي: قُتل مروان ببُوصير من كورةِ الأشمونين. انظر معجم البلدان (١/ ٥٠٩).
(٣) ترجمته في طبقات ابن سعد (٥/ ٢٣٧)، تاريخ خليفة (٤٠٣ - ٤٠٩)، تاريخ الطبري (٤/ ٢٨٠) وما بعدها، =

<<  <  ج: ص:  >  >>