للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد روي هذا الحديث من وجه آخر مرفوعًا (١).

فضل معاوية [بن أبي سفيان ] (٢)

هو معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أميَّة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي، أبو عبد الرحمن القرشيُّ الأمويّ، خال المؤمنين، وكاتب وحي رب العالمين.

أسلم هو وأبوه وأمُّه هند بنت عُتبة بن ربيعة بن عبد شمس يوم الفتح. وقد روي عن معاوية أنه قال: أسلمتُ يومَ عُمرة القضيَّة (٣)، ولكنِّي كتمتُ إسلامي من أبي إلى يوم الفتح (٤).

وقد كان أبوه من سادات قريش في الجاهليّة، وأفضَتْ إليه رئاسة قريش بعد يوم بدر، فكان هو أمير الحروب من ذلك الجانب. وكان رئيسًا مُطاعًا ذا مال جزيل، ولما أسلم قال: يا رسول الله مُرْني حتى أقاتل الكفّارَ كما كنتُ أقاتل المسلمين. قال: "نعم". قال: ومعاوية تجعله كاتبًا بين يديك، قال: "نعم". ثم سأل أن يزوّج رسول الله بابنته [الأُخرى] (٥) وهي عَزَّة (٦) بنت أبي سفيان، واستعان على ذلك بأختها أمِّ حَبيبة، فلم يقع ذلك، وبيَّن رسول الله أنَّ ذلكَ لا يحلُّ له. وقد تكلمنا على هذا الحديث في غير موضع (٧). وأفردنا له مصنَّفًا على حدة ولله الحمدُ والمنَّة. والمقصود أن معاوية كان يكتب الوحي لرسول الله مع غيره من كتّاب الوحي .

ولما فُتحت الشام ولّاه عمر نيابة دمشق بعد أخيه يزيد بن أبي سفيان، وأقرَّه على ذلك عثمان بن عفَّان وزاده بلادًا أخرى. وهو الذي بنى القُبَّة الخضراء بدمشق وسكنها أربعين سنة. قاله الحافظ ابن عساكر.

ولما ولي عليُّ بن أبي طالب الخلافةَ أشار عليه كثير من أمرائه ممَّن باشر قتل عثمان أن يعزل معاوية عن الشام ويولِّي عليها سهل بن حُنَيْف، فعزله، فلم ينتظم له عزله، والتفَّ على معاوية جماعةٌ من أهل الشام، ومانع عليًّا عنها وقال: لا أبايعه حتّى يسلِّم إليَّ قَتَلة عثمان فإنه قُتل مظلومًا، وقد قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا﴾ [الإسراء: ٣٣].


(١) وحديث الأبدال ضعيف في المرفوع.
(٢) زيادة من ط.
(٣) في ط القضاء وكلاهما صحيح، ويقال لها أيضًا: عمرة القصاص، وعمرة الصلح. وكانت في ذي القعدة من سنة سبع للهجرة. سيرة ابن هشام (٣/ ٣٧٠).
(٤) سير أعلام النبلاء (٣/ ١٢٢).
(٥) سقطت من ط.
(٦) وقيل: اسمها حَمنة، وقيل: درّة. ترجمتها في أسد الغابة (٧/ ٧١، ١٠٢، ١٩٦).
(٧) سيورده المؤلف لاحقًا في هذا الجزء ضمن ترجمة معاوية بن أبي سفيان.