للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خلافة عبد الملك بن مروان]

بُويعَ له بالخلافة في حياة أبيه، فلما مات أبوه في ثالث رمضان من هذه السنة أعني سنة خمس وستين (١) جددت له البيعة بدمشق ومصر وأعمالهما، فاستقرت يده على ما كانت يد أبيه عليه، وقد كان أبوه قبل وفاته بعث بعثين أحدهما مع عبيد اللَّه بن زياد إلى العراق لينزعها (٢) من نواب ابن الزبير، فلقي في طريقه جيش التوابين مع سليمان بن صُرَد عند عين الوردة (٣)، فكان من أمرهم ما قدمناه (٤)، من ظفره بهم، وقتله أميرهم وأكثرهم. والبعث الآخر مع حُبَيش (٥) بن دُلَجة إلى المدينة ليرتجعها من نائب ابن الزبير، فسار نحوها، فلما انتهى إليها هرب نائبها جابر بن الأسود بن عوف -وهو ابن أخي عبد الرحمن بن عوف- فجهَّز نائب البصرة من قِبل ابن الزبير وهو الحارث بن عبد اللَّه بن ربيعة، جيشًا من البصرة إلى ابن دُلَجة ليخرجوه من المدينة، فلما سمع بذلك حُبَيش بن دُلَجة سار إليهم. وبعث ابن الزبير عباس بن سهل بن سعد نائبًا على المدينة، وأمره أن يسير في طلب حُبَيش، فسار في طلبهم حتى لحقهم بالرَّبَذة فرمى يزيد بن سياه (٦) حُبيشًا بسهم فقتله، وقُتل بعضُ أصحابه، وهُزم الباقون، وتحصَّن منهم خمسمئة في المدينة ثم نزلوا على حكم عباس بن سهل فقتلهم صبرًا ورجع فلُّهم (٧) إلى الشام.

قال ابن جرير (٨): ولما دخل يزيد بن سياه الأسواري قاتل حبيش بن دلجة إلى المدينة مع عباس بن


(١) في ط: منها. وقد قمنا في هذا الجزء بمقابلة المطبوع (ط) مع نسخة الأحمدية (أ) ونسخة برلين (ب) وانتهجنا إثبات ما وافقت عليه الأصول الثلاثة أولًا مع التأكد من صحة الخبر في مصادر المؤلف، ثم نثبت ما وافقت عليه النسختان وإذا وجدت زيادة من ط أو إحدى النسخ وضعناها بين معقوفين أو أشرنا لذلك في الهامش.
(٢) في ط: لينتزعها، والخبر بأوسع مما هنا في تاريخ الطبري (٥/ ٥٨١ - ٥٩٩) وتاريخ ابن الأثير (٤/ ١٨٥).
(٣) عين الوردة: بلدة تسمى حاليًا رأس العين على أحد روافد الخابور.
(٤) سبق ذكر الخبر ضمن أحداث هذه السنة ٦٥ هجرية.
(٥) الضبط من توضيح المشتبه لابن ناصر الدين الدمشقي (٣/ ٤٦١ - ٤٦٢) وفيه: وحبيش هذا -فيما ذكره ابن دريد- أول أمير أكل على منبر رسول اللَّه . ودُلجة: كهُمزة، قيده الزبيدي في التاج (دلج).
(٦) في الكامل لابن الأثير (٤/ ١٩١): يزيد بن سنان، وفي تاريخ الطبري (٥/ ٦١٢): جاءه سهم غرب فقتله، ثم ساق رواية أخرى عن علي بن محمد قال: الذي قتل حبيش بن دُلَجة يوم الربذة يزيد بن سياه الأسواري.
(٧) في أ: أقلهم، وما أثبت موافق للطبري.
(٨) تاريخ الطبري (٥/ ٦١٢).