للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلم تلبث أن جاءت تَلَمَّظ (١) فشدَّها رسولُ الله إلى الخِبَاء، وأقبلَ الأعرابيُّ ومعهُ قِربة، فقال رسول الله : "أتبيعنيها؟ " قال: هي لك يا رسولَ الله، فأطلقَها رسولُ الله (٢).

قال زيدُ بن أرقم: فأنا والله رأيتُها تسيحُ في البريّة. وهي تقولُ: لا إله إلا الله محمدٌ رسولُ الله.

ورواه أبو نعيم: حدَّثنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن بن مطر، حدَّثنا بشرُ بن موسى، فذكره. قلت: وفي بعضه نكارة، والله أعلم.

وقد ذكرنَا في باب تكثيره اللبنَ (٣)، حديثَ تلك الشاة التي جاءت وهي في البريّة، فأمرَ رسولُ الله الحسنَ بن سعيد، مولى أبي بكر أن يحلبَها فحلبَها، وأمرَه أن يحفظَها فذهبت وهو لا يشعرُ، فقال رسولُ الله : "ذهبَ بها الذي جاء بها ".

وهو مرويٌّ من طريقين، عن صحابيين، كما تقدم، والله أعلم.

حديث الضبِّ على ما فيه من النكارة والغرابة

قال البيهقي (٤): أخبرنا أبو منصور أحمد بن علي الدامغانيُّ، من ساكني قرية نامين من ناحية بَيهق - قراءة عليه من أصل كتابه - حدَّثنا أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ - في شعبان سنة اثنتين وستين وثلاثمئة (بجُرجان) (٥) حدَّثنا محمد بن علي بن الوليد السلمي، حدَّثنا محمد بن عبد الأعلى، حدَّثنا معمرُ بن سُليمان، حدَّثنا كهمس، عن داود بن أبي هندٍ، عن عامر، عن ابن عمر، عن عمرَ بن الخطاب:

أن رسول الله كان في محفلٍ من أصحابه إذ جاءَ أعرابيٌّ من بني سُليم قد صاد ضَبًّا. وجعلَه في كمّه ليذهبَ به إلى رَحلِه فَيشويه ويأكُلَه، فلما رأى الجماعةَ قال: ما هذا؟ قالوا: هذا الذي يذكرُ أنه نبيٌّ فجاءَ فشقَّ الناسَ فقال: واللات والعزى ما اشتملتِ النساء على ذي لهجةٍ أبغضَ إليَّ منكَ، ولا أَمقتَ منك، ولولا أن يُسمِّيني قومي عَجولًا لعَجِلتُ عليك فقتلتُك، فسَرَرتُ بقتلك الأسودَ والأحمرَ والأبيضَ وغيرَهم.


(١) "تلمّظ": تخرج لسانها بعد الأكل أو الشرب فتمسح شفتيها به.
(٢) دلائل النبوة؛ للبيهقي (٦/ ٣٤ - ٣٥) ودلائل النبوة؛ لأبي نعيم رقم (٢٧٣) والسيوطي في الخصائص الكبرى (٢/ ٢٦٧). قال الذهبي في ميزان الاعتدال في ترجمة يعلى بن إبراهيم الغزَّال: لا أعرفه، له خبر باطل عن شيخ واه، ثم ذكره بإسناده. والهيثم بن حمَّاد، عن أبي كثير: لا يُعرف لا هو ولا شيخه.
(٣) تقدم ذلك.
(٤) دلائل النبوة؛ للبيهقي (٦/ ٣٦ - ٣٨).
(٥) إضافة من دلائل النبوة.