للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

موسى، ليس في المثاني الذي أحدثنا. قال: فقال له كعب بن أسدٍ: ما يمنعك يا أبا عبد الرحمن من اتّباعه؛ قال: أنت. قال كعبٌ: فلم، والتوراة ما حلت بينك وبينه قطّ؟! قال الزَّبير: بل أنت صاحب عهدنا وعقدنا، فإن اتّبَعته اتّبعناه، وإن أبيت أبينا. فأقبل عمرو بن سعدى على كعبٍ. فذكر ما تقاولا في ذلك، إلى أن قال كعبٌ: ما عندي في أمره إلّا ما قلت، ما تطيب نفسي أن أصير تابعًا. رواه البيهقيّ (١).

غزوة بني لحيان التي صلّى فيها صلاة الخوف بعسفان

هاهنا ذكرها البيهقيّ في "الدلائل" (٢)، وإنما ذكرها ابن إسحاق، فيما رأيت، من طريق ابن هشامٍ (٣)، عن زيادٍ عنه، في جمادى الأولى من سنة ست من الهجرة بعد الخندق وبني قريظة، وهو أشبه ممّا ذكره البيهقيّ، واللَّه أعلم، فلنؤخِّرها إلى هناك.

وقال الحافظ البيهقيّ (٤): أخبرنا أبو عبد اللَّه الحافظ، حدَّثنا أبو العباس الأصمّ، حدَّثنا أحمد بن عبد الجبار قال: حدَّثنا يونس بن بكيرٍ، عن ابن إسحاق قال: حدَّثنا عبد اللَّه بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزمٍ وغيره، قالوا: لمّا أصيب خبيبٌ وأصحابه خرج رسول اللَّه طالبًا بدمائهم؛ ليصيب من بني لحيان غرّةً، فسلك طريق الشام؛ ليري أنّه لا يريد بني لحيان، حتى نزل بأرضهم، فوجدهم قد حذروا وتمنّعوا في رؤوس الجبال، فقال رسول اللَّه : "لو أنّا هبطنا عسفان؛ لرأت قريشٌ أنا قد جئنا مكة". فخرج في مئتي راكبٍ حتى نزل عسفان، ثم بعث فارسين حتى جاءا كراع الغميم، ثم انصرفا، فذكر أبو عياشٍ الزّرقيّ أن رسول اللَّه صلّى بعسفان صلاة الخوف.

وقد قال الإمام أحمد (٥): ثنا عبد الرّزاق، ثنا الثّوريّ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، عن أبي عيّاشٍ قال: كنّا مع رسول اللَّه بعسفان، فاستقبلنا المشركون، عليهم خالد بن الوليد، وهم بيننا وبين القبلة، فصلى بنا رسول اللَّه الظهر، فقالوا: قد كانوا على حالٍ لو أصبنا غرّتهم. ثم قالوا: تأتي عليهم الآن صلاةٌ هي أحبّ إليهم من أبنائهم وأنفسهم. قال: فنزل جبريل بهذه الآيات بين الظهر والعصر: ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ﴾ [النساء: ١٠٢]. قال: فحضرت، فأمرهم رسول اللَّه فأخذوا السلاح، فصففنا خلفه صفّين، ثم ركع، فركعنا جميعًا، ثم رفع فرفعنا جميعًا، ثم سجد بالصفّ الذي


(١) رواه البيهقي في "دلائل النبوة" (٣/ ٣٦١).
(٢) انظر "دلائل النبوة" (٣/ ٣٦٤).
(٣) انظر "السيرة النبوية" (٢/ ٢٧٩).
(٤) في "دلائل النبوة" (٣/ ٣٦٤).
(٥) رواه أحمد في "المسند" (٤/ ٥٩)، وإسناده صحيح.