للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كتاب مَبعث رسول الله تسليمًا كثيرًا وذكر شيء من البشارات بذلك

قال محمد بن إسحاق (١) : وكانت الأحبار من اليهود، والرُّهْبانُ من النصارى، والكُّهَّانُ من العرب (٢) قد تحدَّثوا بأمْرِ رسول الله قبل مَبْعثه، لما تقارب زمانه؛ أما الأحبار من اليهود والرهبان من النصارى فعمَّا وجدوا في كُتبهم من صفتِهِ وصِفةِ زمانه، وما كان من عَهْد أنبيائهم إليهم فيه.

قال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ﴾ [الأعراف: ١٥٧] الآية.

وقال الله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾ [الصف: ٦].

وقال الله تعالى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ﴾ [الفتح: ٢٩] الآية.

وقال الله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾ [آل عمران: ٨١].

وفي صحيح البخاري (٣) عن ابن عباس قال: "ما بعث الله نبيًا إلا أخذ عليه الميثاق: لئن بُعث محمد وهو حي ليؤمنَنَّ به ولينصرنَّه، وأمره أن يأخذ على أمته الميثاق: لئن بعث وهم أحياء ليؤمنُنَّ به ولينصرُنَّه وليتبعُنَّه".

يعلم من هذا أنَّ جميع الأنبياء بشَّرُوا به وأمروا باتباعه.


(١) سيرة ابن إسحاق (ص ٦٢) وسيرة ابن هشام (١/ ٢٠٤).
(٢) في ح: وكانت الأحبار من اليهود والكهان من النصارى من العرب. وكذا في ط وفيها: ومن العرب. وما أثبتُّه من سيرة ابن هشام.
(٣) لم أجده بهذا اللفظ في صحيح البخاري، قال المؤلف في التفسير (١/ ٣٧٨): قال علي بن أبي طالب وابن عمه ابن عباس: ما بعث الله نبيًا من الأنبياء إلا أخذ عليه الميثاق لئن بعث الله محمدًا وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه. ولم يعزه لأحد، لا للبخاري ولا غيره، ولعله خطأ من النساخ.