للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمة حتى رغب في الدنيا ونازع الخلافة أهلها، فخلع طاعة اللَّه وألحد في حرم اللَّه، ولو كانت مكة شيئًا يمنع القضاء لمنعت آدم حرمة الجنة وقد خلقه اللَّه بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته. وعلمه أسماء كل شيء، فلما عصاه أخرجه من الجنة وأهبطه إلى الأرض، وآدم أكرم على اللَّه من ابن الزبير، وإن ابن الزبير غيّر كتاب اللَّه. فقال له عبد اللَّه بن عمر: لو شئت أن أقول لك كذبت لقلت، واللَّه إن ابن الزبير لم يغير كتاب اللَّه، بل كان قوامًا به صوامًا، عاملًا بالحق].

ثم كتب الحجاج إلى عبد الملك بما وقع من قتل عبد اللَّه بن الزبير وبعث برأسه مع رأس عبد اللَّه بن صفوان وعمارة بن عمرو بن حزم إلى عبد الملك، وأمرهم إذا مروا بالمدينة أن ينصبوا الرؤوس بها، ثم يسيروا بها إلى الشام، ففعلوا ما أمرهم به، وأرسل بالرؤوس مع رجل من الأزد فأعطاه عبد الملك خمسمئة دينار، ثم دعا بمقراض فأخذ من ناصيته ونواصي أولاده فرحًا بمقتل ابن الزبير، عليهم من اللَّه ما يستحقون. ثم أمر الحجاج بجثة ابن الزبير فصلبت على ثنية كدا عند الحجون، يقال منكسة، فما زالت مصلوبة، حتى مر به عبد اللَّه بن عمر فقال: رحمة اللَّه عليك يا أبا خبيب، أما واللَّه لقد كنت صوّامًا قوّامًا، ثم قال: أما آن لهذا الراكب أن ينزل؟ فبعث الحجاج فأنزل عن الجذع ودفن هناك. ودخل الحجاج إلى مكة فأخذ البيعة من أهلها إلى عبد الملك بن مروان، ولم يزل الحجاج مقيمًا بمكة حتى أقام للناس الحج عامه هذا أيضًا وهو على مكة واليمامة واليمن.

وهذه ترجمة أمير المؤمنين عبد اللَّه بن الزبير (١)

هو عبد اللَّه بن الزبير بن العوَّام بن خويلد في أسد بن عبد العُزّى بن قصيِّ بن كلاب، أبو بكر، ويقال له أبو خبيب القرشي الأسدي، أول مولود ولد بعد الهجرة بالمدينة من المهاجرين، وأمه أسماء بنت أبي بكر الصديق ، ذات النطاقين، هاجرت وهي حامل به متِمٌّ، فولدته بقباء أول مقدمهم المدينة، وقيل: إنما ولدته في شوال سنة ثنتين من الهجرة، قاله الواقدي ومصعب الزبيري وغيرهما، والأول أصح لما رواه أحمد (٢) عن أبي أسامة، عن هشام، عن أبيه، عن أسماء أنها حملت بعبد اللَّه بمكة قالت: فخرجت به وأنا متم فأتيت المدينة فنزلت بقباء فولدتُه، ثم أتيت به رسول اللَّه فوضعه في حجره ثم دعا بتمرة فمضغها ثم تفل في فيه، فكان أول ما دخل في جوفه ريق


(١) ترجمة - عبد اللَّه بن الزبير - في نسب قريس (٢٣٧) وتاريخ البخاري (٥/ ٦) والمعرفة والتاريخ (١/ ٢٤٣) والجرح والتعديل (٥/ ٥٦) والاستيعاب (٢/ ٣٠٠) وتاريخ دمشق (٢٨/ ١٤٠ - ٢٥٧) وأسد الغابة (٣/ ٢٤٢) ووفيات الأعيان (٣/ ٧١) وتهذيب الكمال (١٤/ ٥٠٨ - ٥١١) وتاريخ الإسلام (حوادث سنة ٦١ - ٨٠/ ص ٤٣٥ - ٤٤٧) وسير أعلام النبلاء (٣/ ٣٦٣) وحلية الأولياء (١/ ٣٢٩ - ٣٤٧) والوافي بالوفيات (١٧/ ١٧٢ - ١٧٨) وتهذيب التهذيب (٥/ ٢١٣ - ٢١٥) وشذرات الذهب (١/ ٣٠٧).
(٢) مسند الإمام أحمد (٦/ ٣٤٧) ورواه البخاري رقم (٣٩٠٩) ومسلم رقم (٢١٤٦).