للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول اللَّه ، قالت: ثم حنكه ثم دعا له وبرَّك عليه، فكان أول مولود ولد في الإسلام.

فهو صحابي جليل، روى عن النبي أحاديث، وروى عن أبيه وعمر وعثمان وغيرهم. وعنه جماعة من التابعين، وشهد اليرموك مع أبيه وهو صغير، وحضر خطبة عمر بالجابية، ورواها عنه بطولها. [ثبت ذلك من غير وجه]. وقدم دمشق لغزو القسطنطينية، ثم قدمها مرة أخرى، وبويع بالخلافة أيام يزيد بن معاوية ولما مات يزيد، وغلب على الحجاز واليمن والعراقين ومصر وخراسان ولم يبق إلا الشام (١)، وتمت البيعة له سنة أربع وستين وكان فارس الناس (٢) في زمانه.

وثبت من غير وجه عن هشام عن أبيه عن أسماء أنها خرجت بعبد اللَّه من مكة مهاجرة وهي حبلى به فولدته بقباء أول مقدمهم المدينة، فأتت به رسول اللَّه فحنكه وسماه عبد اللَّه ودعا له، وفرح المسلمون به لأنه كانت اليهود قد زعموا أنهم قد سحروا المهاجرين فلا يولد لهم في المدينة، فلما ولد [ابن الزبير] كبّر المسلمون، وقد سمع عبد اللَّه بن عمر جيش الشام حين كبروا عند مقتله، فقال: أما واللَّه للذين كبَّروا عند مولده خير من هؤلاء الذين كبَّروا عند مقتله. وأذَّن الصدِّيق في أذنه حين ولد ، ومن قال إن الصديق طاف به حول الكعبة وهو في خرقة فهو واهم، واللَّه أعلم.

وإنما طاف الصدّيق به في المدينة ليشتهر أمر ميلاده على خلاف ما زعمت اليهود.

وقال مصعب الزبيري: كان عارضا عبد اللَّه خفيفين، وما اتصلت لحيته حتى بلغ ستين سنة (٣).

وقال الزبير بن بكار: حدَّثني علي بن صالح، عن عامر بن صالح، عن سالم بن عبد اللَّه بن عروة، عن أبيه أن رسول اللَّه كلم في غلمة ترعرعوا منهم عبد اللَّه بن جعفر، وعبد اللَّه بن الزبير، وعمر بن أبي سلمة، فقيل يا رسول اللَّه لو بايعتهم فتصيبهم بركتك ويكون لهم ذكر، فأُتي بهم إليه فكأنهم تكعكعوا واقتحم عبد اللَّه بن الزُّبير، فتبسم رسول اللَّه وقال: "إنه ابن أبيه" وبايعه (٤).

وقد رُوي من غير وجه أن عبد اللَّه بن الزبير شرب من دم النبي ، كان النبي قد احتجم في طست فأعطاه عبد اللَّه بن الزبير ليريقه [فشربه فقال له: "لا تمسك النار إلا تحلَّة القسم، وويل لك من الناس وويل للناس منك".

وفي رواية أنه قال له: "يا عبد اللَّه اذهب بهذا الدم فأهريقه حيث لا يراك أحد، فلما بعُد عمد إلى ذلك الدم فشربه، فلما رجع قال: ما صنعت بالدم؟ قال: عدت إلى أخفى موضع علمت فجعلته فيه.


(١) في ط: وسائر بلاد الشام إلا دمشق.
(٢) في ط: وكان الناس بخير في زمانه.
(٣) تاريخ دمشق (٢٨/ ١٦٠).
(٤) الحديث أخرجه ابن عساكر في تاريخه (٢٨/ ١٦١ - ١٦٢).