للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طعامًا وأرسل إلى داذويه أولًا، فلما جاءه عجَّلَ عليه فقتلَهُ، ثم أرسلَ إلى فيروز ليحضرَ عنده فلما كان ببعض الطريق سمع امرأةً تقول لأخرى: وهذا أيضًا والله مقتولٌ كما قُتل صاحبُه، فرجع من الطريق وأخبر أصحابه بقتل داذويه، وخرج إلى أخواله خولان فتحصَّن عندهم وساعدته عقيلٌ، وعكٌّ وخلقٌ.

وعمد قيسٌ إلى ذراري فيروز وداذويه والأبناء فأجلاهم عن اليمن، وأرسل طائفة في البر وطائفة في البحر، فاحتدّ فيروزُ فخرجَ في خلقٍ كثيرٍ، فتصادفَ هو وقيسٌ فاقتتلوا قتالًا شديدًا فهزم قيسًا وجنده من العوام، وبقية جند الأسود العنسي، فهزموا في كل وجه وأسر قيسٌ وعمرو بن معديكرب، وكان عمرو قد ارتدَّ أيضًا، وبايع الأسودَ العنسي، وبعث بهما المُهاجر بن أبي أمية إلى أبي بكر أسيرين، فعنَّفَهما وأنّبهما، فاعتذرا إليه فقبل منهما علانيتهما، ووكل سرائرهما إلى الله ﷿، وأطلقَ سراحهما وردّهما إلى قومهما.

ورجعت عمَّالُ رسول الله الذين كانوا باليمن إلى أماكنهم التي كانوا عليها في حياته بعد حروبٍ طويلة، لو استقصينا إيرادها لطال ذكرها، ومُلَخصُها أنه ما من ناحية من جزيرة العرب إلا وحصلَ في أهلها ردَّةٌ لبعض الناس، فبعثَ الصدِّيقُ إليهم جيوشًا وأمراء يكونون عونًا لمن في تلك الناحية من المؤمنين فلا يتواجه المشركون والمؤمنون في موطنٍ من تلك المواطن إلا غلب جيشُ الصدِّيق لمن هناك من المرتدين، ولله الحمد والمنة، وقتلوا منهم مقتلةً عظيمةً، وغنموا مغانم كثيرة، فيتقوون بذلك على منْ هنالك، ويبعثون بأخماسِ ما يغنمون إلى الصديق فينفقه في الناس فيحصل لهم قوةُ أيضًا ويستعدُّون به على قتال من يريدون قتلهم من الأعاجم والروم، على ما سيأتي تفصيله.

ولم يزل الأمر كذلك حتى لم يبق بجزيرة العرب إلَّا أهل طاعة للّه ولرسوله، وأهل ذمة من الصديق، كأهل نجران وما جرى مجراهم ولله الحمد.

وعامة ما وقع من هذه الحروب كان في أواخر سنة إحدى عشرة وأوائل سنة ثنتي عشرة.

ولنذكر بعد إيراد هذه الحوادث منْ توفي في هذه السنة من الأعيان والمشاهير وبالله المستعان.

وفيها رجع معاذ بن جبل من اليمن.

وفيها استبقى أبو بكر الصديق عمر بن الخطاب .

[ذكر من توفي في هذه السنة]

أعني سنة إحدى عشرة من الأعيان والمشاهير، وذكرنا معهم من قتل باليمامة لأنها كانت سنة إحدى عشرة على قول بعضهم، وإن كان المشهور أنها في ربيع سنة ثنتي عشرة.

توفي فيها رسول الله محمد بن عبد الله سيد ولد آدم في الدنيا والآخرة، وذلك في ربيعها الأول يوم الإثنين ثاني عشرِهِ على المشهور، كما قدمنا بيانه.