للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على حين أعيا المسلمينَ فكاكُها … وقالوا سجونُ المشركينَ قبورُها (١)

وفيها رابطَ القاسمُ بنُ الرشيد بمَرْجِ دابِق يُحاصِر الرُّوم.

وفيها حجَّ بالناس العباسُ بن موسى بن محمد بن علي بن عبد اللَّه بن عباس.

ذكرُ من تُوفي فيها من الأعيان:

علي بن حمزة بن عبد اللَّه بن فَيْروز (٢) أبو الحسن الأسدِي مولاهم، الكوفي، المعروف بالكِسائي، لإحرامهِ في كِسَاء؛ وقيل: لاشتغالِهِ على حمزةَ الزيَّات في كِسَاء. كان نَحْوِيًّا لُغَويًا، أحدَ أئمةِ القُرَّاء. أصله من الكوفة، ثم استوطنَ بغداد، فأدَّبَ الرشيد وولدَهُ الأمين. وقد قرأ على حَمْزةَ بنِ حَبيبٍ الزَّيَّاتِ قراءتَه؛ وكان يُقرئ بها، ثم اختارَ لنفسِهِ قراءةً، وكان يقرأ بها.

وقد روَى عن أبي بكرٍ بن عيَّاش، وسفيان بن عُيينةَ وغيرِهما. وعنه يحيى بنُ زياد الفرَّاء، وأبو عُبيد.

قال الشافعي: منْ أرادَ النحوَ فهو عيالٌ على الكِسَائي. أخذَ الكسائيُّ عن الخليل صناعةَ النَّحْو، فسألَهُ يومًا عن منْ أخذتَ هذا العلم؟ قال: منْ بَوَادي الحِجاز. فرحَلَ الكِسَائي إلى هناك؛ فكتبَ عن العرب شيئًا كثيرًا، ثم عاد إلى الخليل، فإذا هو قد مات، وتصدَّرَ في موضِعِه يونس؛ فجرَتْ بينهما مناظراتٌ أقَرَّ له فيها يونُسُ بالفَضْل وأجلسه في موضعه.

قال الكِسَائي: صليت يومًا بالرشيد، فأعجَبَتْني قراءتي، فغَلِطتُ غلطة ما غَلِطَها صبيّ، أردتُ أنْ أقول ﴿لَعَلَّهُمْ يَرجِعُونَ﴾ فقلت: لعلَّهم يرجعين، فما تَجاسَرَ الرشيدُ أنْ يردَّها، فلما سلَّمْتُ قال: أيُّ لغةٍ هذه؟ فقلتُ: إنَّ الجوادَ قد يَعْثُر. فقال: أمَّا هذا فنعَمْ.

وقال بعضُهم: لَقِيتُ الكِسَائيّ، فإذا هو مهموم، فقلت: ما لَك؟ فقال: إنَّ يحيى بنَ خالدٍ قد وجَّهَ إليَّ لِيسألَني عن أشياء، فأخشى من الخطأ. فقلت: قُلْ ما شئت، فأنتَ الكِسَائي. فقال: قطعَهُ اللَّه -يعني لسانَه- إنْ قلتُ ما لم أعلمْ.

وقال الكسائيُّ يومًا: قلتُ لنجَّار: بكم هذانِ البابان؟ فقال: بسَلْحَتان يا مَصْفَعان (٣).


(١) الخبر والبيتين في تاريخ الطبري (٤/ ٦٧٥).
(٢) ترجمته في التاريخ الكبير (٦/ ٢٦٨)، الكنى والأسماء لمسلم (١/ ٢١٨)، مولد العلماء ووفياتهم (١/ ٤٢٧)، تاريخ بغداد (١١/ ٤٠٣)، الفهرست (٩٧)، المنتظم لابن الجوزي (٩/ ١٦٨)، وفيات الأعيان (٣/ ٢٩٥)، المقتنى في سرد الكنى (١/ ١٧٩)، سير أعلام النبلاء (٩/ ١٣١)، تهذيب التهذيب (٧/ ٢٧٥)، نزهة الألباب في الألقاب (٢/ ٣٠٧).
(٣) في (ق): "بسالجيان"، في (ح) والمنتظم (٩/ ١٧٣): "بسلحتان"، يقال: سلح الطائر سلحًا؛ كالتغوط =

<<  <  ج: ص:  >  >>