للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستخصم (١) أحد إِلا عمله، ولا يلم إِلا نفسه، ولا يرجُ إِلا ربَّه (٢) ولا ننتظر العساكر أن تكثر، ولا الأعوان أن تحضر (٣)، ولا الأموال أن تحصر، ولا يغتر بكثرة العساكر والأعوان، ولا فلان الذي يعتمد أن يقاتل، ولا فلان الذي ينتظر أن يسير، فكل هذه مشاغل عن الله ليس النصر بها (٤)، ولا نأمن أن يكلنا الله إِليها، والنصر به واللطف منه، والعادة (٥) الجميلة له، ونستغفر الله تعالى من ذنوبنا، فلولا أنها تسدُّ طريق دعائنا، لكان جواب دعائنا قد نزل، وفيض دموع الخاشعين قد غسل، ولكن في طريق عائق، خار الله لمولانا في القضاء السابق واللاحق.

وفي (٦) كتاب آخر يتألم فيه لما عند السلطان من الضعف في جسمه بسبب ما حمل على قلبه مما هو فيه من الشدائد، أثابه الله تعالى يقول في (٧): وما في نفس المملوك شائنة إِلا بقية هذا الضعف الذي في جسم مولانا، فإِنه بقلوبنا، ونفديه بأسماعنا وأبصارنا، ثم قال (٨): [من الطويل]

بِنَا مَعْشَرَ الخُدّامِ ما بِكَ مِنْ أذىً … وَإِنْ أَشْفَقُوا مِمَّا أَقُولُ فَبِي وَحْدِي

وقد أورد الشيخ شهاب الدين في (٩) "الروضتين" (١٠) في هذا المكان كتبًا عدَّة من الفاضل إِلى السلطان، فيها فصاحة وموعظة وتحضيض على الجهاد، [يعجز عن مثلها سحبان، وهي جديرة أن تكتب بماء الذهب على قلائد العقيان] (١١)، فرحمه الله من إِنسان ما أفصحه، ومن وزير ما كان أنصحه، ومن عقل ما كان أرجحه.

فصل (١٢)

وكتب القاضي الفاضل كتابًا بليغًا على لسان (١٣) السلطان إِلى ملك المغرب (١٤) أمير المسلمين،


(١) ط: فلا يختصم. والخبر في الروضتين (٢/ ١٦٧).
(٢) ط: ولا يغتر بكثرة العساكر والأعوان.
(٣) عن ب وحدها.
(٤) بعده في ط: وإنما النصر من عند الله.
(٥) أ: والعبادة.
(٦) ط: ومن.
(٧) ط: بقوله.
(٨) البيت في الروضتين (٢/ ١٦٧).
(٩) ط: صاحب.
(١٠) الروضتين (٢/ ١٦٥ - ١٧٠).
(١١) ليس في ط.
(١٢) ليس في ب.
(١٣) أ: عن السلطان.
(١٤) ط: ملك الغرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>