للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وقال أبو نجيد (١) في ذلك) (٢): [من الطويل]

وَيَوْم جَلولاءَ الوَقيعة أصْبحتْ … كتائبُنا تَرْدي بأسدٍ عَوابسِ

فضضتُ (٣) جموعَ الفُرْسِ ثم أنَمتُهُمْ … فتبًّا لأجْسادِ المَجُوسِ النَّجائس

وأفْلَتَهنَّ الفيرزانُ بجرْعةٍ … ومِهْرانَ أرْدَتْ يومَ حَزِّ القَوانس

أقاموا بدارٍ لِلْمَنيَّةِ مَوْعدٍ … وللتَّرْبِ تَحْثوها خَجُوج (٤) الروامسِ (٥)

ذكر فتح حلوان (٦)

ولما انقضت الوقعة أقام هاشم بن عتبة بجلولاء عن أمر عمر بن الخطاب - في كتابه إلى سعد - وتقدم القعقاع بن عمرو إلى حلوان، عن أمر عمر أيضًا ليكون ردءًا للمسلمين هنالك، ومرابطًا لكسرى حيث هرب. فسار كما قدمنا، وأدرك أمير الوقعة وهو مِهْران الرازي، فقتله وهرب منه الفيرزان، فلما وصل إلى كسرى وأخبره بما كان من أمر جلولاء، وما جرى على الفرس بعده، وكيف قتل منهم مئة ألف، وأدرك مِهْران فقتل، هرب عند ذلك كسرى من حلوان إلى الري، واستناب على حلوان أميرًا يقال له خسروشُنُوم (٧)، (فتقدم إليه القعقاع بن عمرو، وبرز إليه خسروشنوم) إلى مكان خارج من حلوان، فاقتتلوا هنالك قتالًا شديدًا ثم فتحَ اللّهُ ونصرَ المسلمين وانهزمَ خسروشنوم، وساق القعقاع إلى حلوان فتسلمها (٨) ودخلها المسلمون فغنموا وسَبَوا، وأقاموا بها، وضربوا الجزيةَ على منْ حولها من الكُور والأقاليم، بعدما دعوا (٩) إلى الدخول في الإسلام فأبَوْا إلَّا الجزيةَ. فلم يزلِ القعقاعُ بها حتى تحوَّل سعد من المدائن إلى الكوفة، فسار إليها كما سنذكره إن شاء الله تعالى.

فتح تكْريت (١٠) والموصِل

لما افتتحَ سعدٌ المدائنَ بلغه أن أهلَ الموصل قد اجتمعوا بتكريت على رجل من الكفرة يقال له


(١) في تاريخ الطبري: أبو بجيد.
(٢) الأبيات في تاريخ الطبري (٤/ ٣٤).
(٣) في تاريخ الطبري: ففضَّتْ.
(٤) الخجوج من الرياح: الشديد المرّ، وقيل هي الشديدة من كل ريح ما لم تثر عجاجًا. اللسان (خجج).
(٥) الروامس: الرياح التي تثير التراب وتدفن الآثار. اللسان (رمس).
(٦) حلوان: بليدة بقوهستان نيسابور، وهي آخر حدود خراسان مما يلي أصبهان. معجم البلدان (٢/ ٢٩٤).
(٧) في أ: حرسيوم، وما هنا موافق لتاريخ الطبري (٤/ ٣٤).
(٨) في أ: فتسلموها.
(٩) في أ: دلوا.
(١٠) تكريت: بلدة مشهورة بين بغداد والموصل، وهي غربي دجلة. معجم البلدان (٢/ ٣٨).