للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بئسَ مَا قَاتَلَتْ خيابرُ عمَّا … جفَعوا من مَزَارعٍ ونخيلِ

كَرهُوا الموتَ فَاستُبيح حِمَاهُمْ … وأقرُّوا فِعْلَ اللَّئيم الذَّليلِ

أَمِن الموت يهرُبون فإنَّ الـ … ــموت موت الهزال غير جميلِ

وقالا كعب بن مالك (١) فيما ذكره ابن هشام، عن أبي زيد الأنصاريِّ: [من الطويل]

ونحن وردنا خيبرًا وفُروضَه … بكلِّ فتى عاري الأَشَاجِعِ مِذودِ (٢)

جوادٍ لدى الغايات لا واهنِ القُوى … جريء على الأعداءِ في كلِّ مَشْهَدِ

عظيمِ رماد القِدر في كلِّ شتوة … ضروبٍ بنصل المشرفيِّ المُهَنَّدِ

يرى القَتْل مَدْحًا إنْ أَصَاب شهادةً … مِن الله يرجوها وفوزًا بأحمدِ

يذود ويَحْمِي عن ذِمَارِ محمدٍ … وَيدْفَعُ عنه باللِّسانِ وباليدِ

ويَنْصُرُهُ مِنْ كلِ أمرٍ يَريبُهُ … يجُودُ بنفسٍ دونَ نفسِ محمدِ

يُصَدِّقُ بالإنباءَ بالغَيب مخلصًا … يُريدُ بذاكَ العزَّ والفَوزَ في غدِ

* * *

فصل في مروره - بوادي [القُرى] ومحاصرته قومًا من اليهود، [ومصالحته يهود] تيماء على ما ذكره الواقديُّ

قال الواقديُّ (٣): حدَّثني عبد الرحمن بن عبد العزيز، عن الزهريِّ، عن أبي سَلَمَة، عن أبي هُريرة [قال: خرجنا مع رسول الله من خيبر إلى وادي القرى، وكان رفاعة، بن زيد بن وهب الجذامِيُّ قد وهب لرسول اللّه عبدًا أسود يقال له: مِدعم. وكان يرحِّل لرسول اللّه ، فلمَّا نزلنا بوادي القرى انتهينا إلى يهود، وقدم إليها ناس من العرب، فبينا مِدعم يحطُّ رحل رسول الله ، وقد استقبلتنا يهود بالرَّمي حين نزلنا، ولم نكن على تعبئة، وهم يصيحون في آطامهم، فيقبل سهم عائر، فأصاب مدعمًا فقتله، فقال الناس: هنيئًا له بالجنة. فقال النَّبِيُّ : "كلَّا والذي نفسي بيده، إن الشَّملة التي أخذها يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم، لتشتعل عليه نارًا". فلمَّا سمع بذلك الناس، جاء رجل إلى رسول اللّه بشِراك أو شراكين، فقال النَّبِيّ : "شراك من نار أو شراكان من نار". وهذا الحديث


(١) "ديوانه" ص (١٦٤).
(٢) أي: مانع.
(٣) انظر "المغازي" (٢/ ٧٠٩).