وزعم ابنُ الجَوْزي في كتابه "شذور العقود" أنه توفي سنة ثلاثين ومئة. وهذا غريبٌ جدًّا والمشهور الأول. واللَّه أعلم.
[وفيها توفي]
الربيع بن سليمان بن عبد الجبار بن كامل المرادي مولاهم المصري المؤدِّب؛ راوية الشافعي، وآخِرُ منْ رَوَى عنه؛ وكان رجلًا صالحًا، تفرَّس فيه الشافعي، وفي البُوَيْطي والْمُزَني وابنِ عبدِ الحكم العِلْم، فوافَقَ ذلك ما وقَعَ في نفس الأمر. ﵀. ومن شعر الربيع هذا:
صبرًا جميلًا ما أسرعَ الفَرَجا … مَنْ صدَّقَ اللَّهَ في الأمورِ نَجَا
مَن خَشيَ اللَّه لم ينَلْهُ أذًى … ومَنْ رجَا اللَّه كان حيثُ رَجَا
فأمَّا الربيع بن سليمان بن داود الجِيزي فإنه روى عن الشافعي أيضًا، وقد مات في سنةِ ستٍّ وخمسين ومئتين. واللَّه أعلم.
[ثم دخلت سنة إحدى وسبعين ومئة]
فيها أضاف الرشيدُ الخاتم إلى يحيى بن خالد مع الوزارة. وفيها قتل الرشيدُ أبا هريرة محمد بن فرُّوخ نائبَ الجزيرة صبرًا في قصر الخُلد بين يديه. وفيها خرج الفضلُ بن سعيد الحَرُوْريّ فقُتل. وفيها قدم رَوْحُ بنُ حاتم نائبُ إفريقيَة. وفيها خرجَتْ أم أمير المؤمنين الخَيْزُران إلى مكة، فأقامَتْ بها إلى أنْ شَهِدَتِ الحجّ. وكان الذي حجَّ بالناس فيها عبدُ الصمد بن علي بن عبد اللَّه بن عباس عمُّ الخلفاء. ﵀ وأكرمه وتقبَّل منه.
[ثم دخلت سنة ثنتين وسبعين ومئة]
فيها وضع الرشيدُ عن أهلِ العراق العُشْرَ الذي كان يؤخذ منهم بعدَ النصف. وفيها خرج الرشيدُ من بغداد يَرْتادُ له مَوْضعًا يسكنه غيرَ بغداد، فتشوَّش فرجع. وفيها حج بالناس يعقوبُ بن أبي جعفر المنصور عمُّ الرشيد. وفيها غَزَا الصائفةَ إسحاقُ بن سليمان بن علي.
[ثم دخلت سنة ثلاث وسبعين ومئة]
فيها توفي بالبصرة محمد بن سليمان، فأمر الرشيدُ بالاحتياط على حواصله التي تصلح للخلفاء، فوجدوا من ذلك شيئًا كثيرًا جدًّا، فقبضوه من الذهب والفضة والأمتعةِ التي يُستعان بها على الحرب،