للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باب (١) ذكر بني إسماعيل وهم عرب الحجاز وما كان من أمور الجاهلية إلى زمان البعثة

تقدم ذكر إسماعيل نفسه مع ذكر الأنبياء (٢)، وكيف كان من أمره حين احتمله أبوه إبراهيم الخليل مع أمه هاجر، فأسكنها (٣) بوادي مكة بين جبال فاران حيث لا أنيس به ولا حسيس، وكان إسماعيل رضيعًا (٤)، ثم ذهب وتركهما هنالك عن أمر الله له بذلك، ليس عند أمّه سوى جراب فيه تَمر ووِكاء (٥) فيه ماءٌ، فلما نَفد ذلك أنبع الله لِهاجَرَ زمزمَ التي هي "طعام طعم وشفاء سقم" كما تقدم بيانه في حديث ابن عباس الطويل الذي رواه البخاري (٦) .

ثم نزلت جُرْهم، وهم طائفة من العرب العاربة من أمم العرب الأقدمين عند هاجَر بمكة على أن ليس لهم في الماء شيء إلا ما يشربون منه وينتفعون به، فاستأنست هاجر بهم، وجعل الخليل يطالع أمرَهم في كلّ حين، يقال: إنه كان يركب البراق من بلاد بيت المقدس في ذهابه وإيابه، ثم لما ترعرع الغلام وشبَّ وبلغ مع أبيه السعي كانت قصّة الذبح، كما تقدم بيان أن الذبيح هو إسماعيل على الصحيح.

ثم لما كبر تزوج من جُرهم امرأةً، ثم فارقَها وتزوّج غيرَها وتزوج بالسيدة بنت مضاض بن عمرو رئيس جرهم، وجاءته البنون الاثنا عشر (٧) كما تقدم ذِكرهم، وهم: نابِت، وقيذر، وأدبيل (٨)، وميشا، ومسمع، وماسى، ودما (٩)، وأذر، ويطور، ونيشى، وطيما، وقيذما. هكذا ذكره محمد بن إسحاق (١٠) وغيره عن كتب أهل الكتاب. وله ابنة واحدة اسمها نَسَمة، وهي التي زوَّجها من


(١) سقط من ط: باب. وهم عرب الحجاز.
(٢) في الجزء الأول من هذا الكتاب.
(٣) في ب: فأسكنهما. وفيها أيضًا: حيث لا حسيس به ولا أنيس.
(٤) زاد في ب: إذ ذاك.
(٥) الوكاء: هو ما يُشدّ به الكيس وغيره. وأراد القربة.
(٦) تقدم تخريجه في الجزء الأول.
(٧) في ط: ابن عمرو الجرهمي وجاءته بالبنين الاثني عشر. وتقدم الخبر كما أشار ابن كثير في سيرة إسماعيل في الجزء الأول.
(٨) وأدبيل: زيادة من ب، تتمم العدد. تاريخ الطبري (١/ ٣١٤).
(٩) في ب: ودوما.
(١٠) السيرة (١/ ٤ - ٥).