للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجلي، فأسْمِعُوا عِبَادي. فيَأخذُونَ بأصْواتٍ منْ تَهْليلٍ، وتسْبيحٍ، وتَكْبيرٍ، لم يَسْمعُوا بمثلها قطُّ.

وقال ابنُ أبي الدُّنيا: حدّثني دَاوُدُ بنُ عَمْرٍو الضَّبِّيّ: حدّثنا عَبْدُ اللهِ بنُ المبارَكِ، عن مالِك بنِ أنَسٍ، عن محمدِ بنِ الْمُنْكَدِرِ، قال: إذا كانَ يومُ القِيَامةِ نَادَى مُنادٍ: أيْنَ الَّذينَ كانُوا يُنزِّهون أسْمَاعَهُمْ وأنْفُسَهُمْ عن مَجالس اللَّهْوِ ومَزَاميرِ الشَّيْطانِ في الدنيا، أسْكِنُوهُمْ ريَاضَ المِسْكِ. ثم يقولُ للملائكةِ: أسْمِعُوهُمْ تَمْجيدي وتَحْميدي، وأخبروهم أن لا خوف عليهم، ولا هم يحزنون (١).

وقال ابنُ أبي الدُّنيا: حدّثنا دهثَم (٢) بنُ الفَضْلِ القُرشيّ، حدّثنا روَّادُ (٣) بنُ الجَرَّاحِ، عن الأوْزاعيّ قال: بَلَغني أنّهُ لَيْسَ منْ خَلْقِ اللهِ أحْسنُ صوْتًا منْ إسْرَافيلَ، فيَأمُرُهُ اللهُ فيَأخُذُ في السَّماعِ، فما يَبْقَى مَلَكٌ مقرب في السموات إلّا قَطَعَ عَلَيْهِ صَلاتَهُ، فَيَمْكُثُ بذلك ما شَاءَ اللهُ أنْ يَمْكُثَ، فيقولُ اللهُ ﷿: وَعِزَّتي وجلالي لوْ يَعْلمُ العِبَادُ قَدْرَ عَظَمتي ما عَبَدُوا غَيْري (٤).

وحدّثني محمدُ بنُ الحُسَيْنِ، حدّثنا عبد الله بن أبي بَكْرٍ، حدّثنا جَعْفرُ بن سُلَيْمانَ، عن مَالِكِ بن دِينارِ في قولِه تعالى: ﴿وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ﴾ [ص: ٢٥]، قال: إذا كان يَوْمُ الْقِيَامةِ أُمِرَ بمنْبَرٍ رَفيعٍ فوُضعَ في الْجَنَّةِ، ثمَّ نُوِديَ: يا دَاوُد، مَجِّدْني بذلك الصَّوْتِ الْحَسنِ الرَّخيمِ الَّذي كُنْتَ تُمَجِّدُني بهِ في دَارِ الدُّنْيا، قال: فَيَسْتَفرغُ صَوْتُ دَاوُدَ نَعيمَ أهلِ الْجَنَّةِ، فذلك قولُهُ: ﴿وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ﴾ [ص: ٢٥] (٥).

[نوع آخر أعلى مما عداه]

وهُوَ سَمَاعُهُمْ كلامَ الرَّبِّ سبحانه، إذَا خَاطَبَهُمْ في المَجَامِعِ الّتي يَجْتَمِعُونَ فيها بَيْنَ يَدَيْهِ تعالى، فيُخاطِبُ كلَّ واحِد منهم، ويُذَكرهم بأعمالِهِ الّتي سَلَفَتْ منْهُ في الدُّنيا، وكَذلك إذا تَجَلَّى لَهُمْ جَهْرة، فَسَلَّمَ عَلَيْهمْ، وَقَدْ ذَكَرْنا ذلك عند قولهِ تعالى: ﴿سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ﴾ [يس:٥٨] وقد سَبَقَ حديثُ جابرٍ في ذلك وهو في "سُننِ ابن مَاجَهْ" وغَيْرِه (٦).

وقدْ ذكر أبو الشَّيخ الأصْبَهَانيّ، منْ طَريق صَالح بن حَيَّانَ، عَنْ عبدِ الله بن بُرَيدة، قال: إنَّ أهْل الجَنَّةِ يَدْخُلُونَ كلَّ يوم على الجَبَّار ، فيَقرأُ عَلَيْهم الْقُرآنَ، وقدْ جَلسَ كلٌّ منهم مَجْلِسَهُ الَّذي


(١) رواه ابن أبي الدنيا في "صفة الجنة" (٢٦٩).
(٢) في الفاسية: دهيم.
(٣) في الأصل: داود بن الجراح، وهو خطأ.
(٤) رواه ابن أبي الدنيا في "صفة الجنة" (٢٦٤).
(٥) رواه ابن أبي الدنيا في "صفة الجنة" (٣٤٣).
(٦) رواه ابن ماجه (١٨٤) وإسناده ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>