للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالإسلامِ وعملَ به، اغترارًا بالله وجهلًا بأمره، وإجابة للشيطان، قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا﴾ [الكهف: ٥٠] وقال: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ [فاطر: ٦] وإني بعثتُ إليكم فلانًا في جيشٍ من المهاجرين والأنصار، والتّابعين بإحسان، وأمرتُه أن لا يقبلَ من أحدٍ إلَّا الإيمان بالله، ولا يقتله حتى يدعوه إلى الله ﷿، فإن أجابَ وأقرَّ وعملَ صالحًا قُبل منه، وأعانه عليه، وإن أبى حاربَه عليه حتى يفيءَ إلى أمر الله، ثم لا يُبْقي على أحدٍ منهم قدرَ عليه، وأن يحرقهم بالنار وأن يقتلهم كلَّ قتلة، وأن يسبيَ النساءَ والذَّراري ولا يقبل من أحدٍ غير الإسلام، فمن اتَّبعه فهو خيرٌ له، ومن تركَه فلن يعجزَ اللهَ، وقد أمرتُ رسولي أن يقرأ كتابه في كلِّ مَجْمعٍ لكم، والداعية الأذان، فإذا إذَّنَ المسلمون فأذنوا فكُفُّوا عنهم، وإن لم يُؤَذِّنوا فسلوهم ما عليهم، فإن أبوا عاجِلوهم، وإن أقرُّوا حُمِل منهم على ما ينبغي لهم".

رواه سيفُ بن عمر عن عبد الله بن سعيد عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك.

فصل في مَسِيرةِ الأُمراءِ من ذي القصة على ما عُوهدوا عليه

وكان سيدَ الأمراءِ ورأس الشُّجعان الصَّناديد أبو سليمان خالد بن الوليد.

روى الإمام أحمد (١) من طريق وَحْشي بن حَرْب، أن أبا بكر الصديق لما عقدَ لخالدِ بن الوليدِ على قتالِ أهلِ الرِّدَّة، قال: سمعت رسول الله يقول: "نعم عبدُ الله وأخو العشيرة، خالدُ بن الوليد، سيفٌ من سيوف الله سلَّه اللهُ على الكفار والمنافقين".

ولما توجَّهَ خالد (٢) من ذي القصة وفارقَه الصديقُ، واعده أنَّه سيلقاهُ من ناحيةِ خيبر بمن معه من الأمراء - وأظهروا ذلك ليرعبوا الأعرابَ - وأمره أن يذهبَ أولًا إلى طُلَيْحة الأسدي، ثم يذهب بعده إلى بني تميم، وكان طلَيْحة بن خُوَيْلد في قومه بني أسد، وفي غطفان، وانضمّ إليهم بنو عبس وذبيان، وبعث إلى بني جديلة والغوث وطيِّئ يستدعيهم إليه، فبعثوا أقوامًا منهم بين أيديهم، ليلحقوهم على أثرهم سريعًا، وكان الصديق قد بعثَ عديَّ بن حاتم قبل خالد بن الوليد، وقال له: أدرك قومك لا يلحقوا بطليحة فيكون دمارهم، فذهب عدي إلى قومه بني طيِّئ فأمرهم أن يبايعوا الصديق، وأن يراجعوا أمر الله، فقالو: لا نبايع أبا الفضل أبدًا - يعنون أبا بكر فقال: والله ليأتينكم جيش فلا يزالون يقاتلونكم حتى تعلموا أنَّه أبو الفحل الأكبر، ولم يزل عدي يفتل لهم في الذروة والغارب


(١) مسند الإمام أحمد (١/ ٨) رقم (٤٣) وهو حديث صحيح بطرقه وشواهده.
(٢) الخبر في تاريخ الطبري (٣/ ٢٥٣) والكامل لابن الأثير (٢/ ٣٤٧).