للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال رجل لسعيد بن المسيّب: ما رأيت أحدًا أورع من فلان. فقال له سعيد: هل رأيت علي بن الحسين؟ قال: لا! قال: ما رأيت أورع منه.

وروى سفيان بن عيينة، عن الزُّهري قال: دخلت على علي بن الحسين فقال: يا زهري فيم كنتم؟ قلت: كنا نتذاكر الصوم، فأجمع رأي ورأي أصحابي على أنه ليس من الصوم شيء واجب، إلا شهر رمضان فقال! يا زهري ليس كما قلتم، الصوم على أربعين وجهًا، عشرة منها واجب كوجوب شهر رمضان، وعشرة منها حرام، وأربع عشرة منها صاحبها بالخيار، إن شاء صام وإن شاء أفطر، وصوم النذر واجب، وصوم الاعتكاف واجب، قال الزُّهري قلت: فسِّرهن يا بن رسول الله ، قال: أما الواجب فصوم شهر رمضان، وصوم شهرين متتابعين في قتل الخطأ لمن لم يجد العتق، وصيام ثلاثة أيام كفارة اليمين لمن لم يجد الإطعام، وصيام حلق الرأس، وصوم دم المتعة لمن لم يجد الهدي، وصوم جزاء الصيد، يقوّم الصيد قيمته ثم يقسم ذلك الثمن على الحنطة. وأما الذي صاحبه بالخيار فصوم الإثنين والخميس، وستة أيام من شوال بعد رمضان، وصوم عرفة ويوم عاشوراء، كل ذلك صاحبه بالخيار. فأما صوم الإذن فالمرأة لا تصوم تطوعًا إلا بإذن زوجها، وكذلك العبد والأمة، وأما صوم الحرام فصوم يوم الفطر والأضحى، وأيام التشريق، ويوم الشك، نهينا أن نصومه لرمضان. وصوم الوصال حرام، وصوم الصمت حرام، وصوم نذر المعصية حرام، وصوم الدهر، وصوم الضيف لا يصوم تطوعًا إلا بإذن صاحبه، قال رسول الله : "من نزل على قوم فلا يصومن تطوعًا إلا بإذنهم (١). وأما صوم الإباحة فمن أكل أو شرب ناسيًا أجزأه صومه، وأما صوم المريض والمسافر فقال قوم: يصوم، وقال قوم لا يصوم، وقال قوم: إن شاء صام وإن شاء أفطر، وأما نحن فنقول: يفطر في الحالين، فإن صام في السفر والمرض فعليه القضاء] (٢).

[وممن توفي في هذه السنة]

أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث (٣) بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المدني أحد الفقهاء السبعة، قيل اسمه محمد، وقيل اسمه أبو بكر، وكنيته أبو عبد الرحمن، والصحيح أن اسمه وكنيته واحد، وله من الأولاد والإخوة كثير، وهو تابعي جليل.


(١) الحديث رواه الترمذي في جامعه رقم (٧٨٩) في الصوم. وقال: هذا حديث منكر، أقول: وهو ضعيف جدًّا.
(٢) إلى هنا تنتهي الزيادة من ط.
(٣) ترجمة - أبي بكر بن عبد الرحمن - في طبقات ابن سعد (٥/ ٢٠٧) وتاريخ خليفة (٣٠٦ و ٣٩٣) وطبقاته (٢٤٥) وتاريخ البخاري (٩/ ٩) والمعرفة والتاريخ (١/ ٢٣٣ و ٣٥٢) ومواضع أخرى، وحلية الأولياء (٢/ ١٨٧ - ١٨٨) وصفة الصفوة (٢/ ٩٢) ووفيات الأعيان (١/ ٢٨٢) وتهذيب الكمال (٣٣/ ١١٢) وتاريخ الإسلام للذهبي (حوادث سنة ٨١ - ١٠٠/ ص ٥١٢ - ٥١٤) وسير أعلام النبلاء (٤/ ٤١٦ - ٤١٩) وتهذيب التهذيب (٩/ ٢٩٥) وشذرات الذهب (١/ ٣٧٦).