للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها قُتل يزيد بن شَجَرة في البحر. [وقيل: بل غزا البحر وبلاد الروم جُنادة بن أبي أميَّة. وقيل: إنما شتا بأرض الروم عمرو بن يزيد الجُهَني.

قال أبو معشر والواقدي] (١): وحجَّ بالناس فيها الوليد بن عُتبة بن أبي سفيان.

وفيها ولَّى معاويةُ الكوفة لعبد الرحمن بن عبد اللَّه بن عثمان بن ربيعة الثَّقفي -ابن أمِّ الحكم [وأمُّ الحكم هي أخت معاوية- وعزل عنها الضحّاك بن قيس، فولّى ابنُ أمِّ الحكم] (٢) على شرطته زائدة بن قدامة. وخرجت الخوارج في أيام ابن أمِّ الحكم، وكان رئيسهم في هذه الوقعة حيان بن ظَبْيان السُّلمي، فبعث إليهم جيشًا فقتلوا الخوارج جميعًا. ثم إن ابن أمِّ الحكم أساء السيرة في أهل الكوفة، فأخرجوه من بين أظهرهم طريدًا، فرجع إلى خاله معاوية، فذكر له ذلك، فقال: لأولينَّك مصرًا خيرًا منها، فولّاه مصر، فلمّا سار إليها تلقّاه معاوية بن حُدَيج (٣) على مرحلتين من مصر فقال له: ارجع إلى خالك معاوية، فلَعَمري لا ندعُك تدخلها فتسير فيها وفينا سيرتَك في إخواننا من أهل الكوفة، فرجع ابن أمِّ الحكم إلى معاوية، ولحقه معاوية بن حُدَيج وافدًا على معاوية، فلمّا دخل عليه وجد عنده أخته أمَّ الحكم -وهي أم عبد الرحمن الذي طرده أهل الكوفة وأهل مصر- فلمّا رآه معاوية قال: بخٍ بخٍ، هذا معاوية بن حُدَيج، فقالت أمُّ الحكم: لا مَرْحبًا به، تسمع بالمُعَيْديِّ خيرٌ من أنْ تراه (٤)، فقال معاوية بن حُدَيج: على رِسْلِكِ يا أمَّ الحكم، أما واللَّه لقد تزوَّجتِ فما أكرمتِ، وولدتِ فما أَنجبتِ، أردتِ أن يليَ ابنُك الفاسق علينا فيسير فينا كما سار في إخواننا من أهل الكوفة، فما كان اللَّه ليريَه ذلك، ولو فعل لضربناه ضربًا يطأطِئ منه رأسه، وإن كره ذلك الجالس -يعني معاوية- فالتفت إليها معاوية فقال: كُفِّي.

قصَّة غريبَة

ذكرها ابن الجوزي في كتابه "المنتظم" بسنده. وهو أنَّ شابًا من بني عُذرة جرت له قصَّة مع ابن أتمَ الحكم [وهو والي على الكوفة في هذه السنة] (٥) وملخَّصُها: أنَّ معاوية بينما هو يومًا على السِّماط (٦) إذا شاب من بني عُذرة قد مثَل بين يديه، فأنشده شعرًا مضمونه التشؤق إلى زوجته سعاد، فاستدناه معاويةُ واستحكاه عن أمره، فقال: يا أمير المؤمنين! إني كنت مزوَّجًا بابنة عمٍّ لي، وكان لي إبل وغنم،


(١) ما بين حاصرتين سقط من أ. والخبر في تاريخ الطبري (٥/ ٣٠٩).
(٢) ما بين حاصرتين سقط من ب.
(٣) تصحف في غير موضع من الأصول إلى: خديج.
(٤) قولها: تسمع بالمعيدي. . .، مثل يضرب لمن خبره خير من مرآه. مجمع الأمثال للميداني (١/ ١٢٩ - ١٣١).
(٥) ما بين حاصرتين من ب فقط.
(٦) في مختصر تاريخ دمشق: فوقف بين السماطين. وسماط القوم: صفهم.