للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أيقنوا بالهلكة، سألوه أن يسيرهم (١) و [أن] يحقن دماءهم، ففعل، وكان رسول اللّه قد حاز الأموال كلّها؛ الشّق، والنّطاة، والكتيبة، وجميع حصونهم، إلا ما كان من ذينك الحصنَين، فلمّا سمع [بهم] أهل فدك [قد صنعوا ما صنعوا] بعثوا إلى رسول اللّه يسألونه أن يسيّرهم ويحقن دماءهم، ويخلّوا له الأموال، ففعل.

[وكان ممّن مشى بين رسول اللّه وبينهم في ذلك محيّصة بن مسعود، أخو بني حارثة] فلمَّا نزل أهل خيبر [على ذلك] سألوا رسول اللّه أن يعاملهم [في الأموال، على النصف] وقالوا: نحن أعلم بها منكم، وأعمر لها، فصالحهم [رسول اللّه على النصف] على أنّا إذا شئنا أن نخرجكم أخرجناكم، وعامل أهل فَدَك بمثل ذلك.

* * *

فصل في فتح حصونها (٢) وقسم أرضها

قال الواقديُّ (٣): لما تحوّلت اليهود من حصن ناعم وحصن الصّعب بن معاذ إلى قلعة الزَّبِير، حاصره رسول الله ثلاثة أيام، فجاء رجل من اليهود يقال له: غزّال. فقال: يا أبا القاسم، تؤمِّنني على أن أدلّك على ما تستريح به من أهل النّطاة، وتخرج إلى أهل الشّقّ، فإن أهل الشّقّ قد هلكوا رُعبًا منك؟ قال: فأمّنه رسول الله على أهله وماله، فقال له اليهوديّ: إنك لو أقمت شهرًا تحاصرهم ما بالوا بك، إنّ لهم تحت الأرض دُبُولًا يخرجون بالليل فيشربون منها، ثم يرجعون إلى قلعتهم. فأمر رسول الله بقطع دُبولهم، فخرجوا فقاتلوا أشدَّ القتال، وقتل من المسلمين يومئذ [نفر] وأصيب من اليهود عشرة، وافتتحه رسول اللّه ، وكان آخر حصون النّطاة، وتحوَّل إلى الشق، وكان به حصون ذوات عُدَد، فكان أول حصن بدأ به منها حصن أُبيّ، فقام رسول اللّه على قلعة يقال لها: سُمْوَان (٤)، فقاتل عليها أهل الحصن أشدّ القتال، فخرج منهم رجل يقال له: عزول. فدعا إلى البِراز، فبرز إليه الحباب بن المنذر، فقطع يده اليمنى من نصف ذراعه، ووقع السيف من يده، وفرّ اليهوديّ راجعًا، فاتّبعه الحباب فقطع عُرقوبه، وبرز منهم آخر، فقام إليه رجل من المسلمين، فقتله اليهوديّ، فنهض إليه


(١) في (آ): "يسترهم" وأثبت لفظ (ط) وهو موافق لما في "السيرة النبوية" لابن هشام، ويسيرهم: يجليهم.
(٢) أي: خيبر.
(٣) انظر "المغازي" (٢/ ٦٦٦).
(٤) في "المغازي": "سمران".