للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي "صحيح [البخاري] (١) عن أبي الرَّرداء قال: كنَّا مع رسول الله في سفر في حرٍّ شديد، وما فينا صائم إلا رسول الله وعبد الله بن رواحة. . وقد كان من شعراء الصَّحابة المشهورين.

وممَّا نقله البخاريُّ (٢) من شعره قوله في رسول الله (٣): [من الطويل]

وَفِينا رسولُ الله يتلو كتابَهُ … [إذا] انشقَّ معروف من الفجر ساطعُ

يَبِيْتُ يُجَافي جَنْبَهُ عَنْ فِرَاشِهِ … إذا استَثْقلَتْ بالمشركين المَضَاجِعُ

أتى بالهُدى بعد العمى فُقُلوبُنَا … به مُوقنِاتٌ أنَّ ما قال واقعُ

وقال البخاريُّ (٤): ثنا عِمْرَان بن مَيْسَرة، ثنا محمد بن فضيل، عن حصين، عن عامر، عن النعمان بن بشير قال: أغمي على عبد الله بن رواحة، فجعلت أخته عمرة تبكي: واجبلاه، واكذا، واكذا تعدِّد عليه، فقال حين أفاق: ما قلت شيئًا إلا قيل لي: أنت كذلك؟!

ثنا قُتيجة، ثنا عَبْثَرٌ، عن حصين، عن الشعبيِّ، عن النعمان بن بشير قال: أُغمي على عبد الله بن رواحة … بهذا، فلمَّا مات لم تبك عليه.

وقد قدَّمنا ما رثاه به حسان بن ثابت مع غيره.

وقال شاعر من المسلمين ممن رجع من مؤتة مع من رجع، :

كفى حزنًا أنِّي رجعت وجعفر … وزيد وعبد الله في رَمس أقبُرِ

قضوا نحبهم لمَّا مضوا لسبيلهم … وخلِّفت للبلوى مع المتغبِّرِ

وسيأتي إن شاء الله تعالى بقية ما رثي به هؤلاء الأمراء الثلاثة من شعر حسان بن ثابت، وكعب بن مالك، وأرضاهما.

فصل في ذكر من استشهد يوم مُؤْتَةَ من المسلمين (٥)

فمن المهاجرين: جعفر بن أبي طالب، ومولاهم زَيد بن حارثة [الكلبيُّ] ومسعود بن الأسود بن


(١) صحيع البخاري رقم (١٩٤٥)، ورواه مسلم في "صحيحه" أيضًا رقم (١١٢٢).
(٢) في "صحيحه" رقم (١١٥٥).
(٣) الأبيات في "ديوانه" ص (١٦٢) مع بعض الخلاف والتقديم والتأخير، ومع بيت رابع هو:
وأعلم عِلمًا ليس بالظنّ أنني … إلى الله محشورٌ هناك وراجِعُ
(٤) في "صحيحه" رقم (٤٢٦٧) و (٤٢٦٨).
(٥) انظر "جوامع السيرة" لابن حزم ص (٢٢٢) وقد زاد على ما ذكره المؤلف شهداء آخرين.