للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ولي بعدَه ولده أحمد بن إسماعيل، وبعث إليه الخليفة المكتفي باللّه بالولاية والتشريف. وقد تذاكر الناس عند إسماعيل بن أحمد ذات ليلة الفخر بالأنساب، فقال: ينبغي أن يكون الإنسان عصاميًا لا عظاميًا. يعني: ينبغي أن يفتخر بنفسه لا بنسبه، وبكدِّه وجِدِّه لا بأبيه وجَدِّه. كما قال بعضهم:

وبجِديِّ سَمَوْتُ لا بجدودي

وقال آخر:

حسبي فخارًا وشيمتي (١) أدبي … ولسْتُ مِن هاشمٍ ولا العَرَبِ

إنَّ الفتى مَن يقولُ ها أنا ذا … ليسَ الفتى مَنْ يقولُ كانَ أبي

وفي ذي القعدة من هذه السنة كانت:

وفاة الخليفة المُكتفي باللّه أبو محمّد عليّ بن المعتضد. وهذه ترجمته وذكر وفاته (٢):

هو [الخليفة أمير المؤمنين المكتفي باللّه] (٣)، أبو محمّد، عليّ بن أمير المؤمنين المعتضد باللّه أبي العبَّاس أحمد بن الأمير أبي أحمد الموفّق بن المتوكِّل بن المعتصم بن الرشيد هارون بن المهدي بن منصور، . وقد ذكرنا (٤) أنه ليس من الخلفاء من اسمه سواه بعد عليّ بن أبي طالب؛ ، ولم يكن في الخلفاء من يكنى بأبي محمد سوى الحسن بن عليّ، وموسى الهادي، وهو، والمستضيء بأمر اللّه.

وكان مولده في رجب من سنة أربع وستين ومئتين، وبُويع له بالخلافة بعد أبيه في حياته يوم الجمعة لإحدى عشرة بقيت من ربيع الآخر من سنة تسعٍ وثمانين ومئتين، وعمره نحو من خمس وعشرين سنة، وكان رَبْعَة من الرجال جميلًا، رقيق اللون، حسن الشعر، وافر اللحية عريضها.

ولما مات أبوه المعتضد، وباشر هو منصب الخلافة، دخل عليه بعضُ الشعراء فأنشده (٥):

أجَلُّ الرَّزايا أن يموتَ إمامُ … وأسْنَى العطايا أن يقومَ إمامُ

فأسقى الذي ماتَ الغمامُ وجادهُ … ودامت تحياتٌ لهُ وسلامُ


(١) في بعض النسخ: وشيمة.
(٢) تاريخ بغداد (١١/ ٣١٦)، المنتظم (٦/ ٣١ - ٣٣ و ٧٩)، سير أعلام النبلاء (١٣/ ٤٧٩)، تاريخ الخلفاء (٦٠٠)، شذرات الذهب (٢/ ٢١٩).
(٣) زيادة من ب.
(٤) حوادث سنة ٢٨٩ هـ.
(٥) المنتظم (٦/ ٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>