للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبقى الذي قام الإلهُ وزادَهُ … مواهب لا يفنى لهنَّ دوامُ

وتمَّتْ له الآمالُ واتصلتْ بها … فوائدُ موصولٌ بهنَّ تمامُ

هو المكتفي بالله يكفيه كلَّما … عناهُ بركنٍ منهُ ليسَ يُرامُ

وقد كان يقول الشعر، فمن ذلك قولُه (١):

مَنْ لي بأنْ يعلمَ ما ألقى … فيعرف الصَّبوة والعشقا

ما زالَ لي عبدًا وحبِّي لهُ … صيَّرني عَبْدًا لهُ رِقَّا

العتقُ مِن شأني ولكنَّني … مِن حبِّهِ لا أملكُ العِتقا

وكان نقش خاتمه: "علي يتوكَّل (٢) على ربه".

وكان له من الولد محمّد، وجعفر، وعبد الصَّمد، وموسى، عبد اللّه، وهارون، والفضل، وعيسى، والعبَّاس، وعبد الملك (٣).

وفي أيَّامه فتحت أنطاكية، واستُنقذت من أيدي الروم، وكان فيها من أسارى المسلمين بشرٌ كثيرٌ وجمٌّ غفير، وأخذ المسلمون من غنائمهم شيئًا كثيرًا جدًّا، كما تقدَّم.

ولما حضرته الوفاة سأل عن أخيه أبي الفضل جعفر بن المعتضد، فصحَّ عنده أنه بالغ، فأحضره في يوم الجمعة لإحدى عشرة ليلة خلت من ذي القعدة من هذه السنة، وأحضر القضاة، وأشهدهم على نفسه بأنه قد جعل الخلافة إليه من بعده، ولقَّبه بالمقتدر بالله.

وتوفي المكتفي بالله بعد ثلاثة أيامٍ، . وقيل: في آخر يوم السبت بين الظهر والعصر. وقيل: بعد المغرب، ليلة الأحد، لاثنتي عشرة ليلة خلَتْ من ذي القعدة، ودفن في دار محمد بن عبد اللّه بن طاهر، عن ثنتين، وقيل: ثلاث وثلاثين سنة، وكانت خلافته ستَّ سنين وستة أشهر وتسعة عشر يومًا. وكان قد أوصى بصدقةٍ من خالص ماله، ستمئة ألف دينار؛ كان جمعها وهو صغير. وكان مرضه بداء الخنازيز (٤)، رحمه الله تعالى.


(١) المصدر السابق.
(٢) في ب، ظا: متوكل، وفي ط: المتوكل.
(٣) المنتظم (٦/ ٣٣)، جمهرة الأنساب (ص ٢٩)، ولم يذكر هارون.
(٤) داء الخنازير: علة معروفة، وهي قروح صلبة تحدث في الرقبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>