للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها: حاصر الأقسيس صاحب دمشق مصر، وضيّق على صاحبها المستنصر باللَّه ثمّ كرّ راجعًا إلى دمشق، وحجّ بالناس في هذه السنة ختلغ التركي مقطع الكوفة.

[وممن توفي فيها من الأعيان]

اسبهدوست بن محمد بن الحسن (١) أبو منصور الدّيلميّ الشاعر.

لقي أبا عبد اللَّه بن الحجاج، وعبد العزيز بن نُباتة وغيرَهما من الشعراء. وكان شيعيًّا فتاب، وقال قصيدة في ذلك، منها:

وإذا سئلتُ عن اعتقادي قلتُ ما … كانتْ عليه مذاهبُ الأبرارِ

وأقولُ خيرُ النّاسِ بعدَ محمّدٍ … صدِّيقُهُ وأنيسُهُ في الغارِ

ثمَّ الثلاثةُ بعدَهُ خيرُ الوَرَى … أكرمْ بهمْ من سادةٍ أطْهارِ

هذا اعتقادي والذي أرجُو بِهِ … فوزي وعتقِي من عذابِ النّارِ

طاهر بن أحمد بن بابشاذ (٢) أبو الحسن البَصرِي النَّحوي، سقط من سطح جامع عمرو بن العاص، الذي بمصر، فمات من ساعته، وذلك في رجب من هذه السنة.

قال القاضي ابن خلِّكان: لم يوجد مثله، كان بمصر إمام عصره في النحو، وله المصنفات المفيدة من ذلك "مقدمته" وشرحها و"شرح الجمل" [للزجاجي].

قال: وكانت وظيفته بمصر أنَّه لا تكتب الرسائل في ديوان الإنشاء إلا عُرضت عليه، فيُصْلح منها ما فيه خلل، ثمّ تنفَّذ إلى الجهة التي عيِّنت لها، وكان له على ذلك معلوم، وراتب جيّد، قال: فاتفق أنّه كان يأكل يومًا مع بعض أصحابه طعامًا، فجاءه قطّ، فرموا له شيئًا، فأخذه وذهب سريعًا، ثمّ أقبل فرموا له شيئًا أيضًا، فانطلق به سريعًا، ثمّ جاء، فرموا له شيئًا أيضًا، فعلموا أنّه لا يأكل هذا كلّه، فتتبعوه، فإذا هو يذهب به إلى قط آخر أعمى في سطح هناك، فتعجّبوا من ذلك، فقال الشيخ: يا سبحان اللَّه! هذا حيوان بَهيم، قد ساق اللَّه إليه رزقه على يد غيره، أفلا يرزقني وأنا عبده وأعبده، ثمّ ترك ما كان له من الراتب، وجمع حواشيه [وأقبل على العبادة] والاشتغال


(١) المنتظم (٨/ ٣٠٨)، الكامل في التاريخ (١٠/ ١٠٦)، وفي (ط) اسفهدوست.
(٢) المنتظم (٨/ ٣٠٩)، الكامل في التاريخ (١٠/ ١٠٦)، وفيات الأعيان (٢/ ٥١٥)، سير أعلام النبلاء (١٨/ ٤٣٩)، الوافي بالوفيات (١٦/ ٣٩٠)، النجوم الزاهرة (٥/ ١٠٥)، شذرات الذهب (٣/ ٣٣٣). قال ابن خلّكان: وبابشاذ، ببائين موحدتين بينهما ألف ثم شين معجمة، وبعد الألف الثانية ذال معجمة، وهي كلمة عجمية تتضمن الفرح والسرور.

<<  <  ج: ص:  >  >>