للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في إسناده ضَعْفٌ لِحَال رِشْدينَ بْنِ سَعْدٍ، عن ابنِ أنْعُم، وَهُمَا ضَعيفَانِ، وَلكنْ يُغْتَفرُ رِوَايةُ هَذَا في هَذَا الْبَابِ لأنه مِنَ التَّرْغيبِ وَالتّرْهِيبِ، واللهُ أعْلَمُ.

وقال عبدُ الله بن المبارك: حدّثنا رِشْدينُ بنُ سَعْدٍ، حدّثنا أبو هانئٍ الْخَوْلانيُّ، عن عَمْرٍو بن مَالِكِ الجَنْبيِّ: أنَّ فضالةَ بن عبيد، وعُبَادَةَ بنَ الصَّامِتِ حَدَّثَاهُ: أنَّ رسولَ الله قال: "إذَا كانَ يَوْمُ القِيَامةِ، وَفرَغَ اللهُ منْ قَضَاءِ الْخَلْقِ فيَبْقَى رَجُلان، فيُؤْمَرُ بِهمَا إلى النّارِ، فيَلْتَفِتُ أحَدُهُما، فيقُولُ الْجَبَّارُ: رُدُّوهُ، فيَرُدُّونَهُ، فيقُولُ له: لِمَ الْتَفَتَّ؟ فيَقُولُ: كُنْتُ أرْجُو أنْ تُدْخِلَني الجَنَّةَ، فيُؤْمَرُ بهِ إلى الْجَنَّةِ، فيَقُولُ: لَقَدْ أعْطَاني رَبِّي حتَّى لوْ أنّي أطْعَمْتُ أهْلَ الْجَنّةِ مَا نَقَصَ ذَلِكَ ممَّا عِنْدي شَيْئًا" وَكانَ رسولُ الله إذا ذَكَرَهُ يُرَى السُّرُورُ في وَجْهِهِ (١).

[فصل في أصحاب الأعراف]

قال الله تعالى: ﴿وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ (٤٦) وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ … ﴾ الآيات [الأعراف: ٤٦ - ٤٧] قال ابن عباس وغيره: الأعْرافُ: سورٌ بين الجَنّةِ وَالنَارِ وعليه رجال يعرفون أهل الجنة وأهل النار. وقال الشعبيّ، عن صِلَة بن زُفَر، عن حُذَيفَةَ، قال: أصْحَابُ الأعْرَافِ قَوْمٌ تَجَاوَزَتْ بِهمْ حَسَناتُهُمْ عن دخول النار، وَقصُرَتْ بهمْ سَيِّئَاتُهُمْ عَنِ الجَنّةِ ﴿وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ فبَيْنما هُمْ كَذَلك، إذْ طَلَعَ عَلَيْهمْ رَبُّكَ ﷿، فقال: قومُوا فادْخُلُوا الجَنَّةَ، فإنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ". رواه البيهقيّ (٢) من وجه آخر عن الشعبيّ، عن حُذيفةَ مرفوعًا، وفيه نظر.

وقال سُفْيانُ الثّوْريّ، عن حَبيبِ بن أبي ثَابتٍ، [عن مجاهد]، عن عبد الله بن الحارث بن نَوْفَل، قال: أصْحابُ الأعْرَافِ رِجَالٌ تَسْتَوِي حَسَناتُهُمْ، وسَيّئاتُهُمْ، فَيُذْهبُ بهمْ إلى نَهْرٍ يُقالُ لَهُ: الْحَيَاةُ، تُرْبتُه وَرْدٌ وَزَعْفَرانٌ، وحَافَتَاهُ قَصَبٌ منْ ذَهَبٍ، مُكَلَّل باللُّؤْلُؤ، فَيَغْتَسِلُونَ فيه [فَيَبْدُو في نُحُورِهِمْ شَامَةٌ بيضاء، ثُمَّ يَغْتَسلُونَ] فيَزْدَادُونَ بَياضًا، ثُمَّ يقال لَهُمْ: تَمَنَّوْا مَا شِئْتُمْ، فَيَتَمّنونَ ما شاؤوا، فيُقَالُ لَهُمْ: لَكُمْ ما تَمَنَّيْتُمْ سَبْعينَ مَرَّةً، فأُولَئكَ مَسَاكينُ أهل الْجنّةِ (٣).


(١) رواه ابن المبارك في "مسنده" رقم (١١٠) وفي "الزهد" (٤٠٩ - زوائد نعيم) وإسناده ضعيف.
(٢) رواه البيهقي في "البعث والنشور" (١٠٩ و ١١١) ومن وجه آخر عن الشعبيّ، عن حُذَيْفَةَ مرفوعًا.
(٣) رواه البيهقي في "البعث والنشور" (١٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>