للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أسيافنا على عواتقنا لأمر يفظعنا إلا أسهلنَ بنا إلى أمر نعرفه قبل هذا الأمر، ما نسدّ منها خُصمًا (١) إلا انفجر علينا خصم، ما ندري كيف نأتي له.

وقال البخاريّ: ثنا عبد اللّه بن يوسف، أنبا مالك، عن زيد بن أسلم، عن أبيه أن رسول الله كان يسير في بعض أسفاره، و [كان] عمر بن الخطَّاب يسير معه ليلًا، فسأله عمر بن الخطاب عن شيء فلم يجبه رسول اللّه ، ثم سأله فلم يجبه، ثم سأله فلم يجبه، فقال عمر بن الخطاب: ثكلتك أُمّك [يا] عمر، نزّرت رسول اللّه ثلاث مرات، كلّ ذلك لا يجيبك. قال عمر: فحرّكت بعيري ثم تقدّمت [أمام] المسلمين، وخشيت أن ينزل فيّ قرآن، فما نشبت أن سمعت صارخًا يصرخ بي، قال: فقلت: لقد خشيت أن يكون نزل فيّ قرآن. فجئت رسول الله فسلَّمت عليه فقال: "لقد أُنزلت عليّ الليلة سورة لهي أحبّ إليّ مما طلعت عليه الشمس". ثم قرأ: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾ [الفتح: ١].

قلت: وقد تكلَّمنا على سورة "الفتح" بكمالها في كتابنا "التفسير" (٢) بما فيه كفاية، وللّه الحمد والمنة، ومن أحبّ أن يكتب ذلك هاهنا (٣) فليفعل.

* * *

فصل في ذكر السّرايا والبعوث التي كانت في سنة ستّ من الهجرة

وتلخيص ذلك ما أورده الحافظ البيهقي، عن الواقديّ قال: في ربيع الأول منها أو الآخر، بعث رسول اللّه عكاشة بن محصن، في أربعين رجلًا إلى [الغَمْر] (٤) فهربوا منه، ونزل على مياههم، وبعث في آثارهم، وأخذ منهم مائتي بعير، فاستاقها إلى المدينة.

وفيها كان بعث [أبي] عُبيدة بن الجرّاح إلى ذي القصّة، في أربعين رجلًا أيضًا، فساروا ليلتهم مشاة، حتى أتوها في عماية الصّبح، فهربوا منه في رؤوس الجبال، فأسر منهم رجلًا، فقدم به على رسول الله فأسلم.

وبعث محمد بن مسلمة في عشرة نفر، فكمن القوم لهم حتى ناموا، [فقتل] أصحاب محمد بن مسلمة كلّهم، وأفلت هو جريحًا.


(١) الخُصم: الجانب.
(٢) انظر "تفسير القرآن العظيم" للمؤلف (٧/ ٤٥٣).
(٣) في (ط): "هنا".
(٤) ما بين الحاصرتين سقط من (آ) و (ط) واستدركته من "دلائل النبوة" للبيهقي (٤/ ٨٣).