للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأول: حدّثنا محمد بن أبي بكر، حدّثنا فُضَيْل بن سليمان، حدّثنا موسى بن عقبة، قال: أخبرني كُرَيْب، عن عبد اللَّه بن عباس، قال:

قدم النبيُّ مكةَ فطافَ سبعًا (١) وسعى بين الصَّفا والمروة، ولم يقرب الكعبة بعد طوافه بها حتى رجع من عرفة.

انفرد به البخاري.

[فصل]

وقدم في (٢) هذا الوقت -ورسول اللَّه مُنيخٌ بالبَطحَاءِ خارجَ مكَّةَ- عليٌّ من اليمن، وكان النبي قد بعثه، كما قدمنا، إلى اليمن أميرًا بعد خالد بن الوليد ، فلما قدم وجد زوجته فاطمةَ بنتَ رسول اللَّه قد حلّتْ كما حلّ أزواجُ رسول اللَّه والذين (٣) لم يسوقوا الهَدْي، واكتحلَتْ، ولبسَتْ ثيابًا صبيغًا، فقال: من أمَرَكِ بهذا؟ قالت: أبي، فذهب مُحَرِّشًا عليها إلى رسول اللَّه ، فأخبره أنّها حَلَّتْ، ولبستْ ثيابًا صبيغًا واكتحلتْ، وزعمَتْ أنّكَ أمَرْتَها بذلك يا رسول اللَّه. فقال: صَدَقَتْ صَدَقَتْ صَدَقَتْ. ثم قال رسول اللَّه : بم أهْلَلْتَ حين أوْجَبْتَ الحجّ؟ قال: بإهلالٍ كإهلالِ النبيّ . قال: فإنَّ معي الهَدْيَ فلا تَحِلّ، فكان جماعة الهدي الذي جاء به عليٌّ من اليمن، والذي أتى به رسول اللَّه من المدينة (٤) واشتراه في الطريق مئة من الإبل، واشتركا في الهَدْي جميعًا، وقد تقدّم هذا كله في صحيح مسلم .

وهذا التقرير يردّ الرواية التي ذكرها الحافظ أبو القاسم الطبراني (٥) من حديث عكرمة عن ابن عباس: أنَّ عليًّا تلقَّى النبي إلى الجُحْفَة (٦) واللَّه أعلم، وكان أبو موسى في جملة منْ قدمَ مع عليّ، ولكنه لم يَسُق هَدْيًا فأمره رسول اللَّه بأن يَحِلَّ بعد ما طاف للعمرة وسعى، ففسخ حجّه إلى العمرة، وصار متمتعًا، فكان يُفْتي بذلك في أثناء خلافة عمر بن الخطاب، فلما رأى عمر بن الخطاب أن يفرد الحجَّ عن العمرة، ترك فُتياه مهابةً لأمير المؤمنين عمر وأرضاه.


(١) ليس اللفظ في البخاري.
(٢) أ: (من).
(٣) أ: (الذين) بلا واو، وما أثبته يوافق ما في البخاري.
(٤) أ: (قال: فإن معي الهدي من المدينة واشتراه في الطريق).
(٥) المعجم الكبير للطبراني ١١/ ٢٣٠ - ٢٣١ (١١٥٨٤).
(٦) الجُحْفَة: قال ياقوت: الجحفة على ثلاث مراحل من مكة في طريق المدينة، وقيل على أربع مراحل (معجم البلدان).