للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ضعيف. ثم لم يذكر أنه في حجة الوداع، ولا ذكر أنّه في الطّواف الأوّل من حجّة الوداع، ولم يذكر ابن عباس في الحديث الصحيح عنه عند مسلم، وكذا جابر: أنّ النبيّ ركبَ في طوافه لضعفة (١)، وإنما ذكرا كثر (٢) الناس وغثيانهم له، وكان لا يحبّ (٣) أن يُضْربوا بين يديه، كما سيأتي تقريرُه قريبًا إن شاء اللَّه. ثم هذا التقبيلُ الثاني الذي ذكره ابن إسحاق في روايته بعد الطَّواف وبعد ركعتيه أيضًا ثابت في صحيح مسلم (٤) من حديث جابر. قال فيه بعد ذكر صلاة ركعتي الطواف: ثم رجع إلى الركن فاستلمه.

وقد قال مسلم (٥) بن الحجّاج في "صحيحه": حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن نُمير جميعًا، عن أبي خالد، قال أبو بكر: حدّثنا أبو خالد الأحمر، عن عبيد اللَّه، عن نافع، قال:

رأيت ابن عمر يستلم الحجر بيده، ثم قبل يده، قال: وما تركتُه منذ رأيتُ رسول اللَّه يفعله. فهذا يحتمل أنه رأى رسول اللَّه في بعض الطوفات (٦) أو في آخر استلام، فعل هذا لما ذكرنا. أو أن ابن عمر لم يصل إلى الحجر لضعفٍ كان به، أو لئلا يُزاحِمَ غيرَه فيحصل لغيره أذًى به.

وقد قال رسول اللَّه لوالده ما رواه أحمد (٧) في "مسنده": حدّثنا وكيع، حدّثنا سُفيان عن أبي يَعْفور العَبْدي، قال: سمعتُ شيخًا بمكة في إمارة الحجّاج يحدث عن عمر بن الخطاب، أن رسول اللَّه قال له: يا عمر إنك رجل قوي، لا تزاحم على الحجر فتؤذي الضعيف، إن وجدتَ خلوةً فاستلمه، وإلا فاستقبله [فهَلِّلْ] (٨) وكَبّر. وهذا إسناد جيّد: لكن راوية (٩) عن عمر مُبْهَمٌ لم يسمّ. والظاهر أنه ثقةٌ جليلٌ. فقد رواه الشافعي (١٠)، عن سُفيان بن عُيينة، عن أبي يَعْفور العَبْدي -واسمه وَقْدان- سمعت رجلًا من خزاعة حين قُتل ابن الزبير، وكان أميرًا على مكة، يقول: قال رسول اللَّه لعمر: "يا أبا حفص إنَّكَ رجلٌ قويٌّ، فلا تزاحم على الرُّكْنِ فإنَّكَ تُؤْذي الضَّعيف، ولكن إن وجدتَ خلوةً فاستلمه وإلا فكبر وامض". قال سفيان بن عيينة: هو عبد الرحمن بن الحارث، كان الحجاج استعمله عليها منصرفَه منها حين قتل ابن الزبير.


(١) رواه مسلم رقم (١٢٦٥) و (١٢٧٣) (٢٥٤).
(٢) ط: (ذكر لكثرة)، وأ: (ذكر كثرة) وما أثبته عن السنن.
(٣) ط: (يحب).
(٤) رقم (١٢١٨) (١٤٧).
(٥) مسلم (١٢٦٨) (٢٤٦).
(٦) ط: (الطواقات).
(٧) مسند الإمام أحمد (١/ ٢٨).
(٨) زيادة عن المسند.
(٩) أ: (رواية) وهو تحريف.
(١٠) رواه الشافعي في سننه المأثورة ١/ ٣٧٥ (٥١٠).