للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال العماد الكاتب: فاستعرضهم السلطان في الليل إِلى أن (١) أضاء الفجر عن الظلماء، وصلّى يومئذ الصبح بوضوء العشاء، وقد كان السلطان جالسًا ليلتئذ في نحو العشرين، [وهم في هذه العدة] (٢) فسلمه الله تعالى منهم، ولله الحمد رب العالمين.

ثم أرسل بهم (٣) إِلى دمشق ليعتقلوا بقلعتها، وليكونوا في كنف دولتها، فافتدى ابن البارزاني (٤) صاحب الرملة نفسه [بعد سنة] (٥) بمئة ألف دينار [وخمسين ألف دينار] (٦) صورية، وإِطلاق ألف أسير من بلاده، فأجيب إِلى ذلك. وكذا افتدى جماعة منهم أنفسهم بأموال جزيلة، وتحف جليلة، ومنهم من مات في السجن، فانتقل منه إِلى سِجِّين، وهكذا يفعل الله (٧) بالكافرين.

واتّفق أنه في اليوم الذي ظفر فيه السلطان على الفرنج بمرج عيون هذا، ظهر الأسطول [على] بطسة (٨) للفرنج في البحر، وأخرى معها، فغنموا منها ألف رأس من السبي، وعاد إِلى الساحل مؤيدًا منصورًا.

وقد امتدح الشعراء السلطان في هذه الغزوة بمدائح كثيرة، وكتب بذلك إِلى بغداد، فدقّت البشائر بها فرحًا وسرورًا بظهور المسلمين على أعداء الله (٩) المجرمين.

وكان الملك المظفر تقي الدين عمر (١٠) غائبًا عن هذه الوقعة مشتغلًا بما هو أعظم (١١) منها. وذلك أن ملك الروم قرارسلان (١٢) بعث يطلب حصن رَعْبَان (١٣)، وزعم أن نور الدين اغتصبه منه، وأن ولده قد


(١) ب، ط: حتى.
(٢) ط: الفرنج كثير.
(٣) ط: أرسلهم.
(٤) هو بادين بن بارزان.
(٥) ليس في ب.
(٦) ليس في ب.
(٧) ب: هكذا يفعل الله تعالى بكل من أخرج عن أمره من الكافرين.
(٨) البطسة: نوع من السفن الحربية الكبيرة، وفي تاريخ الإِسلام: "ظفر أسطول مصر ببطستين، وأسروا ألف نفس" (١٢/ ٤٧٣) (بشار).
(٩) أ: أعداء الله الملحدين.
(١٠) سترد ترجمته في حوادث سنة ٥٨٧ من هذا الجزء.
(١١) ط: أعظم منه.
(١٢) كذا في الأصلين، وفي ط: قرارسلان، وفي الروضتين (٢/ ٩): قليج أرسلان، وفي ابن الأثير (٩/ ١٤٨): قلج أرسلان، وسترد ترجمة قلج أرسلان في حوادث سنة ٥٨٨ من هذا الجزء.
(١٣) ط: رعنان، وأ: رعيان، وكلاهما تصحيف، ورَعْبان: قلعة تحت جبلٍ في الثغور بين حلب وسميساط قرب الفرات. معجم البلدان.

<<  <  ج: ص:  >  >>