للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصّدِّيقُونَ، فجَلَسُوا مِنْ ورائهم، على تلك الكُثُب، فيقول اللَّه تعالى: أنا رَبُّكُمْ، قد صَدَقْتكم وعدي، فَسَلُوني أُعْطِكُمْ، فيقولون: رَبّنا، نسألك رِضوَانك، فيقول: قد رَضيتُ عنكم ولكم عليّ ما تَمنَّيْتُمْ، ولدَيَّ مَزِيدٌ، فهمْ يُحِبُّونَ يومَ الجُمُعة لما يُعْطِيهِمْ فِيهِ رَبُّهُمْ من الخير، وهو اليومُ الذي استوى فيه رَبُّكُم على العرْشِ، وفيه خَلَقَ اللَّه آدمَ، وفيه تقوم الساعة.

ثم رواه الشافعيّ عن إبراهيم بن محمد أيضًا: حدّثني أبو عِمْران إبراهيم بن الجَعْد، عن أنس شبيِهًا به، قال: وزاد فيه أشياءَ، قلت: وسيأتي ذِكرُ هذا الحديث إن شاء اللَّهُ تعالى في صِفَة الجَنَّةِ بِشَواهِده وأسانِيدِه، وباللَّه المُسْتعَان (١).

وقال الإمام أحمد بن حنبل: حدّثنا حُسَيْنُ بن علي الجُعْفِيّ، عن عبد الرحمن بن يزيدَ بن جابر، عن أبي الأشعث الصَّنْعانيّ، عن أوس بن أوس الثَّقَفيّ، قال: قال رسول اللَّه : "مِن أفضل أيّامكم يومُ الجمعة، فيه خُلِقَ آدَمُ، وفيه قُبِضَ، وفيه النَّفْخَةُ، وفيه الصَّعْقَةُ، فأكثروا عليّ من الصلاة فيه، فإنّ صلاتكم مَعْروضَةٌ عليّ" فقالوا: يا رسول اللَّه، وكيف تُعْرَض عليك صلاتنا وقد أرَمْتَ -يعني بَليتَ-؟ قال: "إنَّ اللَّه حَرّمَ على الأرض أنْ تَأْكُلَ أجْسادَ الأَنْبياءِ". ورواه أبو داود، والنّسائيّ، وابن ماجه، من حديث الحسين بن علي الجُعْفِيّ مثله، وفي رواية لابن ماجه: عن شدّاد بن أوس، بدل "أوس بن أوس" قال شيخنا: وذلك وَهْم (٢).

وقال الإمام أحمد أيضًا: حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو، حدثنا زُهيْر، يعني ابن محمد، عن عبد اللَّه بن محمد بن عَقِيل، عن عبد الرحمن بن يزيد الأنصاريّ، عن أبي لُبَابة (٣) بن عبد المُنْذِر: أنّ رسول اللَّه قال: "سَيِّدُ الأيّامِ يوم الجُمُعةِ، وأعظمُها عِنْدَهُ، وأعظمُ عِنْدَ اللَّهِ ﷿ مِنْ يَوْم الفِطْر، ويَوْم الأَضْحَى، وفيه خمسُ خِلَال: خَلَق اللَّهُ فيه آدَم، وأهْبَطَ اللَّه فيه آدَم إلى الأرض، وفيه توفّى اللَّهُ آدَمَ، وفيه سَاعة لا يَسْأل العَبْدُ فِيهَا شيئًا إلّا آتاه اللَّهُ إيّاه، ما لم يَسْأَل حَرامًا، وفيه تقومُ الساعةُ، ما مِنْ ملَكٍ مُقَرَّبٍ، ولا سَماءٍ، ولا أرْضٍ، ولا رياح، ولَا جِبَال، ولا بحر، إلا وهُنّ يُشْفِقْنَ مِنْ يَوْمِ الجُمُعَةِ". ورواه بن ماجه، عن أبي بكر بن أبي شَيْبَة، عن يحيى بن أبي بُكَيْرٍ، عن زهير، به (٤).


(١) رواه الشافعي في مسنده (٣٧٤ و ٣٧٥) - "ترتيب مسند الإمام الشافعي"، ورواه أيضًا ابن أبي الدنيا، والطبراني في "الأوسط" رقم (٦٧١٧) والبزار (٣٥١٩)، وإسناده ضعيف، وهو حديث حسن بطرقه وشواهده.
(٢) رواه أحمد في المسند (٤/ ٨) وأبو داود (١٠٤٧) والنسائي (٣/ ٩١ - ٩٢) وابن ماجه (١٦٣٦) و (١٠٨٥) وهو حديث صحيح.
(٣) في الأصول: عن أبي أمامة، وهو خطأ.
(٤) رواه أحمد في المسند (٣/ ٤٣٠) وابن ماجه (١٠٨٤) وابن أبي شيبة (٢/ ١٥٠) وهو حديث حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>