للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد قال عبد اللَّه ابن الإمام أحمد (١): حدَّثنا هدبة بن خالد، حدَّثنا حمَّاد بن سلمة، عن حُميد، عن الحسن، عن عُتَي -هو ابن ضمرة السعدي- قال: رأيتُ شيخًا بالمدينة يتكلَّمُ فسألتُ عنه: فقالوا: هذا أُبيُّ بن كعب، فقال: إن آدمَ لما حضرَه الموتُ قالَ لبنيه: أيْ بنيّ إني أشتهي من ثمارِ الجنَّة. قال: فذهبوا يطلبونَ له فاستقبلتْهم الملائكة ومعهم أكفانُه وحنُوطه، ومعهم الفؤوس والمساحي والمَكاتل، فقالوا لهم: يا بني آدم ما تُريدون وما تطلبون؟ -أو ما تُريدون وأين تطلبون- قالوا: أبونا مريضٌ واشتهى من ثمار الجنة. فقالوا لهم: ارجعوا فقد قضى (٢) أبوكم. فجاؤوا، فلما رأتهم حوَّاء عَرَفتهم، فلاذت بآدمَ، فقال: إليكِ عنِّي فإني إنما أُتيت من قبلك، فخلّي بيني وبين ملائكة ربِّي ﷿، فقبضُوه وغسَّلوه وكفَّنوه وحنَّطوه، وحفروا له ولحدوه، وصلّوا عليه، ثم أدخلوه قبرَه فوضعوه في قبره، ثم حثوا عليه، ثم قالوا: يا بني آدم هذه سنتكم. إسناد صحيح إليه.

وروى ابن عساكر: من طريق شيبان بن فَرُّوخ، عن محمّد بن زياد، عن ميمونَ بن مِهْران، عن ابن عبَّاس أن رسولَ اللَّه قال: "كبَّرتِ الملائكةُ على آدمَ أربعًا، وكبَّر أبو بكرٍ على فاطمةَ أربعًا، وكبَّر عمرُ على أبي بكرٍ أربعًا، وكبَّر صُهَيْبٌ على عمرَ أربعًا" (٣). قال ابنُ عساكر: ورواه غيره، عن ميمون، فقال: عن ابن عمر.

واختلفوا في موضع دفنه: فالمشهور أنه دُفنَ عند الجبل الذي أُهبط منه في الهند. وقيل: بجبل أبي قُبَيْس بمكة.

ويقال: إن نوحًا لما كانَ زمن الطّوفان حملَه هو وحوَّاء في تابوت، فدفنَهما ببيت المقدس. حكى ذلك ابن جرير (٤).

وروى ابنُ عساكر: عن بعضهم: أنه قال: رأسُه عند مسجد إبراهيم، ورجلاه عند صَخْرة بيتِ المقدس. وقد ماتت بعده حوَّاء بسنة واحدة.

واختُلف في مقدار عُمُره ، فقدَّمنا في الحديث عن ابن عبَّاس، وأبي هريرة، مرفوعًا: أنَّ عُمُره اكْتُتبَ في اللَّوحِ المحفوظِ ألفَ سنةٍ (٥). وهذا لا يُعارضه ما في التوراة من أنه عاش تسعمئة وثلاثين سنة؛ لأن قولهم هذا مطعون فيه، مردود إذا خالفَ الحقَّ الذي بأيدينا، مما هو المحفوظ عن


(١) في زياداته على مسند أبيه (٥/ ١٣٦).
(٢) في "أ" فقد قضي قضاء أبيكم.
(٣) وإسناده ضعيف جدًا.
(٤) في تاريخه (١/ ١٦١).
(٥) تقدم الحديث.