للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذا نزل على رسولِ الله الوَحْي، يُسمع عند وجهه [دَوِيٌّ] كدَوِيِّ النَّحْل، وذكر تمام الحديث في نزول ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١)[المؤمنون: ١].

وكذا رواه الترمذي والنسائي (١) من حديث عبد الرزاق، ثم قال النسائي: منكر لا نعرف أحدًا رواه غير يونس بن سليم، ولا نعرفه.

وفي صحيح مسلم وغيره (٢) من حديث الحسن، عن حِطَّانَ بنِ عبد اللَّه الرَّقاشي، عن عُبادة بن الصامت قال: كان رسولُ اللَّه إذا نزل عليه الوحي كُرِب لذلك وتربَّد وجهه - وفي رواية وغمض عينَيْه - وكنا نعرفُ ذلك منه.

وفي الصحيحين (٣) حديث زيد بن ثابت حين نزلت ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [فلما شكا ابنُ أمِّ مَكْتُوم ضرارَتَه نزلت] (٤) ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾. قال: وكانت فخذُ رسولِ اللّه على فَخِذي وأنا أكتب، فلما نزل الوحي كادَتْ فخِذُه تَرُضُّ فَخِذي.

وفي صحيح مسلم (٥) من حديث همَّام بن يحيى، عن عطاء، عن يَعْلى بن أمية قال: قال لي عمر: أيَسُرُّك أنْ تنظُرَ إلى رسولِ الله وهو يُوحَى إليه؟ فرفع [عمرُ] طرفَ الثوب عن وجهه وهو يُوحَى إليه بالجِعْرَانة (٦)، فإذا هو محمرُّ الوَجْه، وهو يَغِطُّ كما يَغِطُّ البَكْر (٧).

وثبت في الصحيحَيْن (٨) من حديث عائشة لما نزل الحِجَاب، وأنَّ سَوْدَةَ خرجتْ بعد ذلك إلى المَنَاصِع (٩) ليلًا، فقال عمر: قد عرفناكِ يا سَوْدَة. فرجعتْ إلى رسولِ اللَّه فسألَتْهُ وهو جالسٌ يتعشَّى


(١) أخرجه الترمذي (٣١٧٣)، و (٣١٧٣ م)، والنسائي في الصلاة من سننه الكبرى (١٤٣٩) عن إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرزاق به. وتنظر تحفة الأشراف (٧/ ٢٦٧ - ٢٦٨) حديث (١٠٥٩٤) بتحقيقنا (بشار).
(٢) صحيح مسلم (١٦٩٠) (١٢) الحدود باب حد الزنى. وأخرجه أيضًا الإمام أحمد في المسند (٥/ ٣١٧) به.
(٣) صحيح البخاري (٢٨٣٢) الجهاد باب قول اللَّه ﷿[النساء: ٩٥] و (٤٥٩٢) التفسير باب لا يستوي القاعدون، وصحيح مسلم (١٨٩٨) في الإمارة باب فرض الجهاد عن المعذورين.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من ح، وهو مروي بالمعنى وبألفاظ مقاربة لما جاء في البخاري.
(٥) صحيح مسلم (١١٨٠) (٦) الحج باب ما يباح للمحرم بحج أو عمرة. وما يأتي بين معقوفين منه.
(٦) مضى التعريف بها في ص (٦٠ ح ٩).
(٧) "البَكْر": الفتي من الإبل، وغَطَّ: صوَّت في شقشقته، فإن لم يكن له شقشقة فهو هدير، وغط النائم غطيطًا: تردَّد نفسه صاعدًا إلى حلقه حتَّى يسمعه من حوله. المصباح (غطط).
(٨) فتح الباري (٤٧٩٥) التفسير باب ﴿لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ﴾ وصحيح مسلم (٢١٧٠) (١٧) في السلام باب إباحة الخروج للنساء لقضاء حاجة الإنسان.
(٩) "المناصع": هي المواضع التي يُتخلَّى فيها لقضاء الحاجة، واحدُها مَنْصَع، لأنه يُبرز إليها ويُظهر. النهاية (٥/ ٦٥ / نصع).