للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والعَرْقُ في يدا (١)، فأوْحَى اللَّه إليه والعَرْفُ في يده، ثم رفع رأسه فقال: "إنَّهُ قد أُذِنَ لكُنَّ أنْ تَخْرُجْنَ لحاجَتِكُنَّ".

فدلَّ هذا على أنه لم يكنِ الوحْيُ يُغَيِّبُ عنه إحساسَهُ بالكُلِّيَّة، بدليلِ أنه جالس لم يسقُطْ ولم يسقطِ العَرْقُ أيضًا من يده صلواتُ اللَّه وسلامه دائمًا عليه.

وقال أبو داود الطيالسي (٢): حدثنا عباد بن منصور، حدثنا عكرمة، عن ابن عباس قال: كان رسول الله إذا أنزل (٣) عليه الوَحْي تربَّدَ لذلك جسدهُ ووجههُ، وأمسك عن أصحابه، ولم يكلِّمْه أحدٌ منهم.

وفي مسند أحمد (٤) وغيره من حديثِ ابن لَهِيعة، حدّثني يزيدُ بنُ أبي حبيب، عن عمرو بن الوليد، عن عبد اللَّه بن عمرو قلت: يارسول الله، هل تُحِسُّ بالوَحْي؟ قال: "نعم، أسمع صَلاصِلَ ثم أسْبُتْ (٥) عند ذلك، وما من مرَّة يُوحَى إليَّ إلا ظننتُ أنَّ نفسي تَفِيضُ منه" (٦).

وقال أبو يعلى المَوْصلي (٧): حدثنا إبراهيم بن الحجاج، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حَدَّثَنَا عاصم بن كُليب، حدثنا أبي عن خاله الفَلَتَان (٨) في بن عاصم قال: كُنا عند رسول الله وأُنزل عليه، وكان إذا أُنزل عليه دامَ بصَرُه، ومفتوحةً عيناه (٩)، وفرَّغَ سمعَهُ وقَلْبَهُ لما يأتيهِ من الله ﷿ (١٠).

وروى أبو نعيم (١١) من حديث قتيبة، حدثنا عليُّ بن غُرَاب، عن الأحوص بن حكيم، عن أبي


(١) "العرق" بفتح العين وإسكان الراء: وهو العظم الذي عليه بقية اللحم. شرح النووي لصحيح مسلم (١٤/ ١٥١).
(٢) مسند الطيالسي (٢٦٦٧).
(٣) في ح: نزل.
(٤) مسند أحمد (٢/ ٢٢٢)، وإسناده ضعيف لضعف ابن لهيعة.
(٥) كذا في ح، وفي ط: أثْبت، وفي مسند أحمد: أسكت. وأسبت من السَّبْت، وهو الراحة والسكون أو من القطع وترك الأعمال. النهاية (سبت/ ٢/ ٣٣١).
(٦) "فاض الرجل": مات؛ وفاضت نفسه: خرجت. اللسان (فيض). وفي ط تغيظ، وهما بمعنى.
(٧) مسند أبي يعلى (١ - ١٥٨٣) من حديث الفلتان. وقد خرجه الحافظ ابن حجر في ترجمة الفلتان في الإصابة فقال: رواه ابن أبي شيبة وأبو يعلى في مسنديهما وابن حبان في صحيحه، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٧/ ٩) وقال رواه أبو يعلى والبزار بنحوه والطبراني بنحوه، ورجال أبي يعلى ثقات.
(٨) في ح بمهملات، وفي ط: العليان، وفي مجمع الزوائد (الغلبان) وهو تصحيف، والمثبت من مسند أبي يعلى الإصابة في ترجمة الفلتان.
(٩) كذا في ح، وفي مسند أبي يعلى ومجمع الزوائد والإصابة من غير واو، وفي ط: وعيناه مفتوحة.
(١٠) لم أجده فيما طبع من الدلائل وأورده السيوطي في الخصائص (١/ ١٢٠).
(١١) تتمته في مسند أبي يعلى: قال: فكنا نعرف ذلك منه، فقال للكاتب: اكتب ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ … =