للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذا أثنى عليك المرءُ يومًا … كَفَاه من تَعَرُّضِه الثَّنَاءُ (١)

وله فيه مدائح أُخَر.

وقد كان عبد الله بن جُدعان (٢) هذا من الكُرماء الأجواد الممَدَّحين المشهورين، وكان له جَفنة يأكل الراكب منها وهو على بَعيره من عرض حافتها وكثرة طعامها، وكان يملؤها لُباب البُرّ يُلْبَك بالشهد والسمن، وكان يعتق الرقاب، ويُعين على النوائب. وقد سألت عائشةُ النبي : أينفَعُه ذلك؟ فقال: "إنه لم يقل يومًا من الدهر (٣): ربّ اغفرْ لي خَطيئتي يومَ الدينِ" (٤).

ومن شعر أمية البديع: [من الكامل]

لا يَنْكُتُونَ الأرْضَ عندَ سُؤَالهم … كَتَطَلُّبِ العِلَّاتِ بالعِيْدانِ (٥)

بل يُسْفِرون وجوهَهم فَتَرى لها … عند السُّؤال كأحْسَن الألوانِ

وإذا المقِلُّ أقامَ وسْط رِحَالهم … رَدُّوْهُ رَبَّ صَواهلٍ وقيانِ

وإذا دعوتَهمُ لِكُلِّ مُلمّةٍ … سَدُّوا شعاعَ الشمسِ بالفرسان (٦)

آخر ترجمة أمية بن أبي الصلت (٧).


(١) ديوانه (٣٣٣ - ٣٣٥).
(٢) سلف الحديث عن ابن جدعان قبل قليل.
(٣) في ب: لم يكن يومًا من الدهر يقول.
(٤) تقدم تخريجه قبل قليل في ترجمة عبد الله بن جدعان.
(٥) النكت: نبش الأرض بالعود، فِعْلَ المفكر المهموم.
(٦) ديوانه (٥٠٠ - ٥٠٢).
(٧) في حاشية ب: وهو آخر الجزء التاسع من أجزاء المصنف، وزاد في النص التالي: فائدة جليلة ذكرها ابن عساكر في ترجمة صفوان بن أمية. قال الزبير بن بكار: حدثني محمد بن حسن، عن نصر بن مزاحم، عن معروف بن خَرَّبوذ ، قال صفوان بن أمية الجد، أحد العشرة الذين من عشرة بطون الذين انتهى إليهم شرف الجاهلية ووصله لهم الإسلام: هاشم، وأمية، ونوفل، وأسد، وعبد الدار، وتيم، ومخزوم، وعدي، وسهم، وجمح. فمن هاشم: العباس بن عبد المطلب، قد كان سقى الحجيج وبقي له في الإسلام. ومن بني أمية أبو سفيان بن حرب، ومن بني نوفل في الجاهلية: الحارث بن عامر. قال الزبير: غَلِط في الحارث بن عامر. ومن بني عبد الدار: عثمان بن أبي طلحة. ومن بني تيم: أبو بكر الصديق. ومن بني أسد: يزيد بن زمعة. ومن بني مخزوم: خالد بن الوليد بن المغيرة. ومن بني عدي: عمر بن الخطاب. ومن بني سهم: الحارث بن قيس. ومن بني جُمح: صفوان بن أمية. قال ابن خرّبوذ: فإن قريشًا لم تكن تملّك عليها في الجاهلية أحدًا، فإذا كانت حرب أقرعوا بين أهل الرياسة من الذكور، فإذا حضرت الحرب أجلسوه، لا يبالون صغيرًا كان أو كبيرًا، أجلسوه تيمُّنًا به. فلما كان يوم الفجار أقرعوا بين بني هاشم، فخرج سهم العباس، وهو غلام، فأجلسوه على فرس، وكان أبو طالب يحضرها، وكان النبي يجيء معه وهو غلام، فإذا جاء أبو طالب هَزَمَت قريش وإذا لم يجئ هزمت كنانة، فقالوا: لا أبا لك لا تغب. =