للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ﴾ [الأعراف: ٤٦]. وهذا هو الصحيح، وما رُوي عن عبد الله بن عمرو، وكَعْب الأحبار: عن كُتب الإسرائيليِّين، أنه سورُ بَيْتِ المقدس، فضعيف جدّاً، فإنْ كان أراد المُتكلّم بهذا ضَرْب مِثَالٍ وَتَقْريباً للمُغَيَّبِ بالشاهد، فقَريبٌ، ولعله مرادهما، والله أعلم.

وقال أبو بكر بن أبي الدنيا: حدّثني الرَّبيعُ بن ثعلب، حدّثنا إسماعيل بن عَيَّاش، عن مُطْعِم بن المِقْدام الصَّنْعانيّ، وغيره، عن محمَّد بن واسع، قال: كتب أبو الدَّرْداء إلى سَلْمان: يا أخي، إيّاكَ أن تَجْمع من الدُّنيا مالا تُؤدِّي شُكْرَه، فإني سمعتُ رسولَ الله يقول: "يُجاء بصاحب الدُّنيا أطاعَ اللهَ فيها، ومالُهُ بَيْن يَدَيْه كلّما تَكَفّأ بِهِ الصراط قال له مالُهُ: امْضِ، فقدْ أدَّيْتَ حَقَّ اللهِ فيَّ " قال: " ثم يُجاءُ بصَاحب الدُّنيا الذي لم يُطع اللهَ فيها، ومالهُ بَينَ كَتِفَيْه كُلَّما تَكَفَّأ بهِ الصِّراطُ، قال له ماله: ألا أدّيْتَ حَقَّ اللهِ فيّ؟ فلا يزال كذلك حتى يَدْعو بالوَيْل والثُّبور" (١).

وعن عُبَيْد بن عُمَيْر أنه كان يقول: أيُّها الناس، إنّه جسرٌ مَجْسُور أعلاه دَحْض مَزَلّة، مرَّ الأولُ فنجا، ومرَّ الآخِرُ، فناجٍ ومخدوشٌ، والملائكةُ على جَنَباتِ الْجِسْر يقولون: رَبِّ سلِّم سَلَّم، قال: وإنَّ الصّراط مثلُ السَّيْف، على جِسر جَهنّم. وإنَّ عليه كَلالِيبَ وحَسَكاً، والذي نفسي بيده إن تلك الكلاليب والحسك لأعرف بالمارِّين عليها ومن تأخذه منهم ومن تخدشه من الرجل بصاحبه وصديقه. والذي نفسي بيده إنّه لَيُؤخذُ بالكَلُّوب الواحدِ أكْثَرُ من ربيعةَ، ومُضَر. رواه ابن أبي الدنيا.

وعن سعيد بن أبي هلال، قال: بلغنا أنّ الصِّراط يومَ القيامة وهو الجِسْرُ يكون على بَعْضِ الناس أدقّ من الشّعر، وبَعْضِ الناس مِثْلَ الوادي الواسع. رواه ابن أبي الدُّنيا. وهذا الكلام صحيح إن شاء الله.

وقال غيره: بلغني أن الصراط إنما يراه أدقّ من الشَّعْرة، وأحدَّ من السيف، الهالك الذي ليس بناجٍ، ويكون على بعض الناس أوسع من القاع والميدان المتَّسع، يمضي عليه كيف شاء.

وقال ابن أبي الدنيا أيضاً: حدّثنا الخليلُ بن عمرو، حدّثنا ابن السَّمَّاك الواعظ الزاهد، قال: بلغني أنّ الصِّراط ثلاثةُ آلاف سنةٍ، ألفُ سنةٍ يصعد الناس عليه، وألفُ سنة يَسْتوي الناسُ على ظهره، وألف سنة يَهْبطُ الناس.

وقال آخر: مَنْ وسَّع على نفسه الصراط في الدنيا، ضاق عليه صراط الآخرة، ومن ضيَّق على نفسه الصراط في الدنيا، وسّع له الصراط في الآخرة.

وقال ابن أبي الدنيا: حدّثنا علي بن الْجَعْد، حدّثنا شَريكٌ، عن أبي قتادةَ، عن سالم بن


(١) وفي إسناده ضعف.

<<  <  ج: ص:  >  >>