للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وابن حبان (١). وقال الحاكم (٢): على شرط مسلم. وقد تقدم ذكر طرقه وألفاظه في قصة آدم.

قال ابن جرير (٣): وقد زعم بعض أهل الكتاب أن عمر داود كان سبعاً وسبعين سنة.

قلت: هذا غلط مردود عليهم قالوا: وكان مدة ملكه أربعين سنة. وهذا قد يُقبل نقله لأنه ليس عندنا ما ينافيه ولا ما يقتضيه.

وأما وفاته ، فقال الإمام أحمد في "مسنده" (٤): حدّثنا قتيبة، حدّثنا يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد، عن عمرو بن أبي عمرو، عن المطلب، عن أبي هريرة أن رسول الله قال: "كانَ داودُ فِيهِ غَيْرَةٌ شَدِيْدَةٌ، فَكانَ إذا خَرَجَ أُغلقت الأبواب فَلَم يَدْخُلْ عَلى أَهْلِهِ أَحَدٌ حَتَّى يَرْجِعَ. قال: فَخَرَجَ ذاتَ يَوْمٍ وغلقت الدارُ فأقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ تَطلع إلى الدَّارِ، فإذا رَجُلٌ قائِمٌ وَسطَ الدَّارِ، فَقَالَت لِمَنْ في البيْتِ: مِنْ أيْنَ دَخَلَ هذا الرَّجُلُ والدَّارُ مُغْلَقَةٌ؟ واللهِ لنَفْتَضِحَنَّ بداود. فجاءَ داودُ فإذا الرجُلُ قائِمٌ وسطَ الدَّارِ، فقالَ لَهُ داودُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: أنا الذي لا أَهَابُ الملوكَ ولا يمتنع (٥) من الحجَّاب، فقالَ داودُ: أنتَ واللهِ إذَنْ مَلَكُ الموْتِ، مَرْحَباً بأمْرِ اللهِ. فَزَمَلَ دَاوُدُ مَكَانَهُ حَتّى قُبِضَتْ نَفْسُه، حتى فَرَغَ مِنْ شَأنِه. وطَلَعَتْ (٦) عَليهِ الشَّمْسُ، فقالَ سُليمانُ لِلطَّيْر: أَظِلّي عَلَى دَاوُد، فأظَلَّت عَلَيه الطيرُ حتى أظلَمَتْ عَلَيهِ الأرْضُ. فقالَ سُلَيمانُ لِلطَّيْر: اقبضي جناحاً جناحًا". قال أبو هريرة: يرينا رسول الله كيف (٧) فعلت الطير، وقبض رسول الله بيده، وغلبت عليه يومئذ المضرحية.

انفرد بإخراجه الإمام أحمد. وإسناده جيد قوي، رجاله ثقات.

ومعنى قوله: "وغلبت عليه يومئذ المضرحية" أي: وغلبت على التظليل عليه المضرحية وهي الصقور الطوال الأجنحة، وإحداها: مَضْرحي. قال الجوهري: وهو الصقر الطويل الجناح (٨)

وقال السدي، عن أبي مالك، عن ابن عباس قال: مات داود نبي الله فجأة، وكان بسبت، وكانت الطير تظله.


(١) الإحسان (٦١٦٧) من طريق سعيد المقبري عن أبي هريرة.
(٢) المستدرك (٢/ ٣٢٥). فى التفسير.
(٣) تاريخه (١/ ٤٨٥).
(٤) المسند (٢/ ٤١٩). وأخرجه ابن عساكر، كما في مختصر ابن منظور (٨/ ١٣٩).
(٥) في ط: ولا أمنع من. وفي مسند أحمد: ولا يمتنع مني شيء.
(٦) في ط: ثم مكث حتى قبضت روحه، فلما غسل وكفن وفرغ من شأنه طلعت عليه الشمس … ، وفي مسند أحمد: … حيث قبضت روحه ....
(٧) في ط: قال: قال أبو هريرة: فطفق رسول الله يرينا كيف …
(٨) الصحاح (١/ ٣٨٦) ضرح.