للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شديدًا (١)، وجرح أخو السلطان بوري بن أيوب جرحًا بليغًا، فمات منه بعد أيام. وكان أصغر أولاد أيوب، ولم يبلغ عشرين سنة، وقيل: بل جاوزها بسنتين (٢). وكان ذكيًا فهمًا، له ديوان شعر لطيف. فحزن عليه أخوه الملك صلاح الدين حزنًا كثيرًا (٣)، ودفنه بحلب، ثم نقله إِلى دمشق، ثم اتفق الحال بين السلطان (٤) وبين صاحب حلب عماد الدين زنكي (٥) بن مودود بن زنكي بن آقسنقر على عوض أطلقه السلطان، وهو أن يرد عليه سنجار، ويُسلمه البلد، فخرج عماد الدين زنكي وجاء إِلى خدمة السلطان، وعزَّاه في أخيه، ونزل عنده في المخيم، ونقل أثقاله إِلى سنجار، وزاده السلطان: الخابور والرقة ونصيبين وسروج، واشترط عليه إِرسال العسكر في الخدمة للغزاة (٦) في الفرنج، ثم سار، وودَّعه السلطان، ومكث السلطان في المخيم (٧) أيامًا، غير مكترث بحلب، ولا مستكثر لها ولا بها (٨)، ثم صعد إِلى قلعتها يوم الإثنين سابع عشرين صفر (٩) مؤيدًا منصورًا، مسرورًا محبورًا.

وعمل له الأمير طُمان (١٠) وليمة عظيمة، وكان يومًا مشهودًا مشهورًا، فسمعه بعضهم وهو داخل يتلو (١١) هذه الآية: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ﴾ الآية [آل عمران: ٢٦]. ولما دخل دار الملك تلا قوله تعالى: ﴿وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ﴾ الآية [الأحزاب: ٢٧]. ولما دخل مقام إِبراهيم صلى فيه ركعتين، أطال السجود به والدعاء والتضرّع [إِلى الله] (١٢)، .

ثم شرع في عمل وليمة عظيمة. وقد ضربت البشائر، وخلع السلطان على الأمراء، وأحسن إِلى الرؤساء والفقراء، وألقت (١٣) الحرب أوزارها، وقضت القلوب أوطارها: [من الطويل]


(١) ط: جيدًا.
(٢) ط: وقيل إِنه جاوزها بثنتين.
(٣) ط: حزنًا شديدًا.
(٤) ط: الناصر.
(٥) سترد ترجمته في حوادث سنة ٥٩٤ من هذا الجزء.
(٦) مكان اللفظة في ط: من القلعة.
(٧) ب: بالمخيم.
(٨) ط: في المخيم يرى حلب أيامًا غير مكترث بحلب ولا وقعت منه موقعًا.
(٩) ط: يوم الإثنين السابع والعشرين من صفر.
(١٠) في ط: طهمان، والأمير طُمان بن غازي بن يلمي بن تنجول، حسام الدين، أمير الرقة. نجح في السفارة بين صلاح الدين وعماد الدين زنكي، فكافأه صلاح الدين بإِمارة الرقة، وكان من المجاهدين المجتهدين والأتقياء المجتهدين. توفي سنة ٥٨٥ هـ. الروضتين (٢/ ٤٣) و (١٤٩) ووفيات الأعيان (٧/ ١٧٠ و ١٩٤).
(١١) ط: فتلا هذه الآية وهو داخل في بابها.
(١٢) عن ط وحدها.
(١٣) ط: ووضعت.

<<  <  ج: ص:  >  >>